للمستقلة رأي

ليس سقف العتبة هو المشكل، بل وظائفكم وبرامجكم يا أحزابنا

ALATABA

بكل تأكيد النقاش الذي فتحته قضية العتبة للدخول إلى البرلمان هو نقاش مطلوب، لأن هذه العتبة في واقعها الحالي 6  %، أو ما ستكون عليه بعد هذا النقاش انخفاضا أو إلغاء هو الذي يهم المواطنين الناخبين، وهذه الأحزاب على اختلاف مرجعياتها وتوجهاتها، كما أن هذه العتبة هي التي ستسمح بمعرفة الأداء الحقيقي لأحزابنا في البرلمان، سواء كان أعضاؤه من الأغلبية أو المعارضة، ونتمنى أن تتم الاستجابة لمطلب التخفيض أو الإلغاء حتى توضع جميع الأحزاب أمام حقيقتها العادية بعد العملية الانتخابية البرلمانية، ونظن في جريدة المستقلة بريس، أن استعجال التعاطي حول العتبة سيمكن المواطن المغربي من الوقوف على مدى الاستعداد وطبيعة البرنامج الانتخابي، وحقيقة الأداء الحزبي اليومي، وسيحرم الأحزاب من تبرير فشلها في الانتخابات وفي أداء مهامها في البرلمان مستقبلا .. وبالتالي، سيمكن نظامنا السياسي التعددي من إبراز حقيقة الأطراف الحزبية الفاعلة فيه، بعيدا عن الخطاب التبريري الانهزامي الذي تتبناه الأحزاب حاليا، وأخيرا هو الذي سيمنح التنافسية بين هذه الأحزاب لتعبر عن نفسها بدون ديماغوجية أو تضليل كما هو سائد الآن.

إننا في المستقلة بريس، لا نرى المشكل في العتبة، بل في ضعف الأحزاب وتراجع إشعاعها الجماهيري والتأطيري، وضعف أدائها في البرلمان، وفي غيره من المؤسسات المنتخبة، وفي عدم قدرتها على الوفاء والالتزام بالبرامج الانتخابية التي تخوض بها الانتخابات البرلمانية وغيرها من الانتخابات، ولعل ضعف المشاركة من قبل المواطنين في أكثر التجمعات السكانية يمثل برهانا ساطعا على رفض وعدم اقتناع المواطنين بوجود جميع الأحزاب، ناهيك عن عجز هذه الأحزاب في القيام بوظائفها للرفع من مستوى مشاركة المواطنين في العمل السياسي وتطوير وعيه وثقته بمن ينوب عنه في البرلمان وفي باقي المؤسسات.

كانت العتبة مرتفعة أو ضعيفة، فهذا لا يقدم ولا يؤخر من مشروعية العمل الحزبي في نهاية المطاف، فالأحزاب التي لا تملك التجدر الشعبي هي المعنية بإصلاح أوضاعها وتجاوز أخطائها، ويحظى الحزب الذي يعتقد أن العتبة هي التي تمنحه الشرعية أو تسحبها منه، وسيكون من العبث التموقف من مسألة العتبة من أن تكون حسب منظوره الحزبي الخاص، بدل أن تكون حسب ما يؤمن به الفاعلون الحزبيون وعموم المواطنين الذين يترقبون تحقيق الأحزاب للقيمة المضافة من وجودهم في البرلمان أو في غيره من المؤسسات لصالح المواطنين، الذين يختارونهم من خلال البرامج الانتخابية التي يسوقونها خلال الحملات الانتخابية لكسب ثقة الناخبين في هذه الانتخابات البرلمانية أو غيرها.

إن أحزابنا تدرك أكثر من غيرها، سواء كانت كبيرة أو صغيرة مدى الفجوة العميقة بينها وبين المواطنين الذين أصبحوا يرفضون هذا النموذج من الأداء الحزبي المتخلف الذي لا يمكن بواسطته الاستجابة لانتظاراتهم من جهة، وعدم مشاركتهم في صياغة برامجه الانتخابية التي لا يمكن أن تقنع الأحزاب التي توظفها في الحملات الانتخابية، وقد اتضح اليوم مضمون هذا الرفض الشعبي لأي خطاب حزبي وانتخابي لا يلامس القضايا المجتمعية، ولا يقترح الحلول الفعالة الكفيلة بمعالجتها وإبراز مصداقية هذه الأحزاب التي تتبناها، ولن نذهب بعيدا إذا قلنا عن البرامج الحزبية التي تسوق للمواطنين بمناسبة الانتخابات البرلمانية تكون في الغالب متشابهة إلى درجة أن تكون متطابقة في أهدافها والمشاريع التي تقترحها، سواء للمجال الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي.

إذن، المشكل المطروح اليوم ليس في سقف العتبة التي تسمح بدخول البرلمان بالنسبة لجميع الأحزاب، وإنما المشكل في هذه الأحزاب كيفما كانت مرجعيتها وتوجهاتها الإيديولوجية والسياسية التي يجب عليها أن تعيد النظر في ثقافتها وفي إستراتيجية عملها لصالح المواطنين الذين يظلون القاعدة التي تصنع أقوى الأحزاب أو أضعفها ليس للانتخابات البرلمانية وحدها، بل جميع العمليات الانتخابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق