ملفات و قضايا

المغاربة في حاجة إلى الكرامة والعدالة والمساواة يارئيس حكومتنا

سيكون من العبث التنكر لمشاعرك التضامنية والإنسانية التي تعبر عنها يارئيس حكومتنا من حين لآخر،وإصرارك على ترجمة ذلك في إجاباتك على المعارضة في الندوات التي تتدخل فيها،وإيمانك بقوة العمل التطوعي والخيري والإحساني في تحسين أوضاع فقراء الوطن والفئات المسحوقة، وحرصك الدائم على التعبير عن هذه المشاعر،عسى أن ينتبه إليها أغنياء المغرب ومحظوظوه حتى يتم احتواء مظاهر البؤس والفقر والهشاشة التي تزايدت في المجتمع،لكن هذه الحلول يارئيس حكومتنا التضامنية لا تساعد على الإطلاق في تغيير وعي هؤلاء، وانخراطهم التلقائي في التخفيف من معاناة إخوانهم،والمبادرة التطوعية لإيجاد الحلول لاحتواء القهر الطبقي الملموس في المجتمع، ولا شك أنك يارئيس الحكومة تعلم مدى موت الإحساس الوطني والاجتماعي في نفوس من يعملون بكل الوسائل على مراكمة ثرواتهم،بدل العمل على توظيف ما يجب عليهم من زكاة وضرائب في هذا الورش الاجتماعي، إلى الدرجة التي أصبح بعضهم لا يحترم قوانين الوطن اتجاه من يعملون في مقاولاتهم الزراعية والصناعية والتجارية والخدماتية، فبالأحرى أن يفكروا في دعم توجهك الإحساني والتضامني الموجه لعامة المواطنين المسحوقين.
إن المغاربة المتضررين من الأزمة الهيكلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يواجهون مضاعفاتها يريدون منكم يارئيس حكومتنا ما يجعلهم قادرين على الحصول عن العمل والسكن والصحة والتعليم،كما جاء في البرنامج الانتخابي الذي وصلت به إلى موقعك الحكومي، ويترقبون من سياساتك العمومية نحو ما يقوي صمودهم وقوتهم الشرائية في الاقتصاد الحر الذي تتحكم فيه القطط السمان،التي لا يهمها واقع الفقراء والكادحين في مقابل ما يدفعون،ومن دون شك يارئيس الحكومة أنك على وعي بالواقع الطبقي الملموس وبصعوبة استئصال البؤس وردم الفجوة بين طبقات المجتمع الذي أصبحت طبقته المسحوقة تشكل قاعدته العريضة .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنك تعرف العملية الجراحية العلاجية الصحيحة، لكنك لا تقو على اللجوء إليها في شروط نظامنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي السائد،الذي لا يمكن أن يتحرر من الفوارق الطبقية التي يتميز بها إلا بتكريس الكرامة والعدالة في الحقوق والواجبات وبالتوزيع العادل للثروة وتعميق الممارسة الديمقراطية وروح المواطنة والمسؤولية والحكامة الجيدة،بدل تقديم المنح والمساعدات والهبات التي لا تقض على الفقر والبؤس الملموس في حياة السواد الأعظم من المواطنين، سواء في الوسط الحضري أو القروي.
إن الدعوة إلى مكارم الأخلاق وتفعيل قيم المساعدة والتضامن والحماية لا تجب أن تكون هي الهدف من نفقات الدولة الاجتماعية وحدها،بدون أن تكون مصحوبة بسياسات عمومية تستهدف محاربة الفساد واقتصاد الريع واحتكار الأقلية للثروات وخيرات الوطن،وتفعيل المساواة والعدالة بين المواطنين والرهان على إيجاد فرص الاستثمار الوطني والأجنبي لتوفير فرص العمل وتحسين مستوى الدخل والمعيشة وتقليص العجز في ميزانية الوطن.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة،واعون بالإكراهات الداخلية والخارجية،التي تواجهها يارئيس حكومتنا،إلا أن ذلك لايعفيك من المسؤولية في البحث عن الحلول حتى وإن كانت مؤلمة،فلا أحد سيغفر لك تجاهلك المستمر لما يواجهه المغاربة المقهورون في حياتهم اليومية،وإن كنت لا تملك ميزان القوى لصالح ما تؤمن به،فإن المستفيدين من الواقع الراهن لن يرحموك إذا ما حاولت الاقتراب من الامتيازات التي يتمتعون بها،ولتتأكد أننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، منحازون إلى ما يمكن أن تقوم به لخلخلة هذه الوضعية التي تراكمت فيها ثروات الأقلية المحظوظة،وأنك غير حر في عدم الانتباه إلى الأسباب الحقيقية التي تساهم في المزيد من الظواهر المجسدة للبؤس والظلم والقهر في المجتمع، وأن دستور الوطن خولك الانتباه إلى واجباتك التي يمكن من خلالها ترجمة نصوص هذا الدستور لصالح أغلبية الشعب التي تترقب مبادراتك المتحررة من ضغوط من يرفضون ترجمة الكرامة والعدالة على أرض الواقع، والإبقاء على الواقع الراهن الذي يصون مصالحهم الآنية والمستقبلية.
نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة،يارئيس حكومتنا نعلم نواياك الصادقة ومشاعرك الوطنية في الارتقاء بالوطن في جميع المجالات،ولكننا لا نشعر بالارتياح اتجاه منهجيتك في التعاطي مع مشاكل الوطن،هذه المهجية التي تنصت فيها لتحالفك الحكومي وأغلبيتك البرلمانية فقط،ولا تعير الاهتمام لباقي مكونات الرأي العام الوطني،التي ترى فيها عدوك وخصمك الذي يبحث عن أخطائك، وفي هذه الزاوية ننصحك بالإنصات إلى جميع المواقف حتى المعارضة بقوة إلى نهجك في تدبير الشأن العام،لأن المواقف المعارضة لك تخدمك إذا أحسنت التعاطي الإيجابي معها،ذلك أن في هذه المواقف المضادة لك ما يساعدك على تلمس الحلول الأكثر واقعية وملائمة للقاضايا والمشاكل التي تواجهها، ونؤكد لك أن الاختلاف مع الآخرين يوفر لك التعرف على أكثر من وجهة نظر وبديل يمكنك في النهاية الاستئناس به في التعامل مع الموضوعات التي يطرحها الآخرون في الحكومة والبرلمان عليك،ومن دون شك أنك على ثقة في ضرورة وجود النقد والنقد الذاتي الذي يسمح في النهاية بمعالجة المشاكل حتى في أعقد حالاتها وخطورة تداعياتها.
ختاما،لا يسعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة،إلا أن ندعوكم إلى التفكير في موضوع الإعانات والمساعدات والبحث عن البدائل التي تضمن كرامة المواطنين،وتقوي قدرتهم على الصمود ضد الفقر والبطالة والمرض والسكن الغير اللائق،عوض أن تعتقد أن عملك الخيري الإحساني سيقودك إلى إنهاء هذا المشكل بصفة جذرية،وتحويل حياة المسحوقين إلى جنة،علما أن تقديم المساعدات والمنح والهبات لا يحم المستفيدين منها من استمرار الهشاشة والحرمان والبؤس والفقر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق