أخبارنافذة على الثقافة و الفن

(قصة قصيرة) … صوت رحمة

AL HABL

عبد الرزاق الفلق

تضاربت الأفكار في رأسه، منها السلبية والإيجابية، ومنها السلمية والإجرامية، ولأول مرة في حياته يدرك المعنى الحقيقي للمقولة الشهيرة:”راس تيقولي دير هادي وراس تيقولي دير لخرى” … ومع ذلك، جمع عزمه واسترسل في مخططه .. وضع الكرسي وحملق مليا في جدار السقف وهو يحدد المكان المناسب .. ترجل واتجه نحو المطبخ، فتح الأدراج بلهفة وتهور … وأخيرا صاح:”وجدتها”، لم يكن إلا حبل الغسيل، ذاك الذي فضل عن زمن مضى .. وكطفل فرح بلعبة العيد عاد مهرولا إلى الحجرة الضيقة واعتلى الكرسي وهو يحاول التقاط حلقة علقت هناك عله يربط الحبل بها .. ولم ينل مبتغاه إلا بعد عناء وجهد.

هم والفرحة تغمر عينيه والحسرة تعصر قلبه .. وما هي إلا (…) سقط الهاتف من جيبه ورنته تعلن مكالمة واردة .. بأسف وحسرة شديدين وتردد، أجاب على الهاتف: بابا .. “ابابا” قالتها بصوتها الدافئ الحنون .. وهو يحاول لملمة ما تبقى من كرامته وشجاعته وقال: “نعم ابنتي الغالية هل من مشكلة” .. ؟

لقد تأخرت .. أنا بانتظارك قرب المدرسة

حاضر .. ص .. غير .. تي. توان وأكون عندك ..!

وكالمجنون دفع الكرسي وحاول شد الحبل لكنه لم يتمكن من سحبه .. ارتدى سترته وانتعل حداءه وانطلق كالسهم.

فتح الباب واندفع مهرولا إلى الحجرة، وما أن مد يده إلى الحبل حتى سألته ابنه رحمة، ما بال هذا الحبل مدلى من السقف .. أستضع الخروف هنا يا أبي ..؟ بل إنه للرياضة يا ابنتي (قالها وهو يتلعثم ..)

قالت كيف هذا يا أبي وشكله كذلك الذي نراه في الأفلام ..؟ أردف قائلا الشكل واحد، لكن المهمة مختلفة .. ألم تري لاعبي الملاكمة يضعون واحدا مماثلا لهذا ..؟

هزت كتفيها الصغيرتين في استغراب، و وضعت حقيبتها جانبا وتوجهت إلى المطبخ.

هناك بدا لها الوضع مختلفا .. فوضى تملأ المكان .. فزادها ذلك استغرابا وتلاطمت الأسئلة وانعدمت الأجوبة .. باغتها قائلا : “إنه الفأر اللعين لقد هد حيلي ولم أمسك به إلا بشق الأنفس.

وببسمة ملأها الحب والثقة عانقته وقالت : “أحبك أبي .. أحبك قد (هاكا) وهي تفتح ذراعيها تعبيرا وتجسيدا.

خرج دون أن ينطق بكلمة ودموعه تسبق خطاه، اتجه إلى المغسل .. توضأ وصلى ركعتين شكرا واستغفارا .. ولعن حمقه وطيشه وهو يردد قول اللـه تعالى: نحن نرزقكم وإياهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق