أخبارجماعات و جهات

فجيج اليوم بعيون مهاجر مصدوم

 

فجيج – عبد الحفيظ بوبكري

منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدماك أرض فجيج تشعر أن شيئًا تغيّر .. الشوارع هادئة على نحو غير معتاد .. المقاهي شبه فارغة، وكأن المدينة دخلت في سبات صيفي طويل

وصل أبناء الجالية هذا العام كما تعوّدوا محمّلين بالشوق والحقائب .. كبارهم يتطلعون إلى لقاء الأهل .. صغارهم يركضون خلف ذكريات اللعب في القصور والبساتين والسباحة في السواقي والصهاريج .. لكن، خلف هذا الحنين كانت تنتظرهم مفاجأة ثقيلة

الواحة التي كانت تعج بالحياة بدت كمدينة تُفرغ من روحها .. الإدارات الحكومية بلا حركة تُذكر .. المدارس أُغلقت أو تنتظر دورها .. مراكز الشبيبة والرياضة والصناعة التقليدية فقدت نشاطها، وحتى المحكمة لم تعد سوى باب يفتحه الحارس ويغلقه وفق جدول جامد .. في البلدية والباشوية مقاعد الموظفين خالية، كل من رحل أو تقاعد لم يأتِ من يسد مكانه

وفي الأسواق كان المشهد مختلفًا .. المهاجرون الذين كانوا يملؤون شاحنات الرمل للبناء أو الترميم وجدوا أن مقالع وادي العرجة مغلقة أمامهم .. أرباب الشاحنات ممنوعون من العمل، توقفت مشاريع البناء، تقلّصت أيام الإجازة، تباطأت الحركة التجارية حتى كادت تتوقف

حتى الذين جاؤوا إلى المدينة طلبًا للرزق من خارجها، بدؤوا يحزمون حقائبهم للرحيل، بعدما أدركوا أن العمل هنا لم يعد كما كان

هنا فجيج المدينة الحدودية التي صمدت أمام الاستعمار وحمت الوطن لعقود، تقف اليوم على مفترق طرق .. السؤال الذي يعلّق في الأفق

هل ستتحرك السلطات لتثبيت أهلها في أرضهم، أم ستتركها تذوب في صمت الهجرة والنسيان ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق