أخبارمجتمع

الإنعاش الوطني إلى أين …؟

إنعاش

هشام عباسي

يشكل قطاع الإنعاش الوطني بالمغرب منذ إنشائه من طرف الملك الراحل الحسن الثاني مجالا خصبا لنهب المال، وفرصة لاغتناء بعض ذوي النفوذ من الأعيان ورجال السلطة، وبعض المسؤولين المشرفين على القطاع، حيث بالرغم من الفضائح المرعبة التي انكشفت، وأميط عنها اللثام بالرغم من ذلك ما يزال تسيير هذا القطاع يراوح مكانه، حيث لم يتم لحد كتابة هذه السطور مراجعة آليات تسييره ولم يتم لحد ألان وضع معايير محددة لكيفية الاستفادة من بطائق الإنعاش التي تعد بالآلاف، يأتي ذلك في ظل الدستور الجديد، وفي ظل شعار محاربة الفساد الذي ترفعه الحكومة.
وللإشارة، سنعمل على نشر معطيات وأرقام وحقائق خطيرة حول هذا الملف من كل إقليم على حدة وسنبدأ بإقليم السمارة، بتفاصيل وأسماء معينة، لكن سنقتصر في هذا المقال على توطئة وتقديم لهذا الملف الذي يعتبر كسحابة ضباب من التلوث تغطي الواقع المرير الذي تعيشه الساكنة.
الفساد في قطاع الإنعاش الوطني لا يقتصر فقط على توزيع البطائق الذي تتحدث مصادر مطلعة عن كونه يتم دون معايير محددة، اللهم إلا منطق الولاءات، ومنطق الزبونية، والمحسوبية، حيث أن العديد من المستفيدين من البطائق تربطهم علاقة قرابة ببعض البرلمانيين، وبعض المستشارين ورجال السلطة، وبعض المسؤولين الكبار في الإدارات العمومية، دون أن يقوموا بأي عمل يذكر، كما تحدثت بعض المصادر عن عملية سمسرة تتم في بطائق الإنعاش إذ تباع البطاقة الواحة أحيانا بمبلغ 30 ألف درهم.
وفي نفس السياق، وفي ظل غياب أي آلية قانونية تحدد بدقة كيفية صرف أجور قطاع عمال الإنعاش الوطني يشتكي العديد من العمال من وجود اقتطاعات غير خاضعة لأي مسطرة قانونية، حيث يتم الإبلاغ عنها شفويا دون أن يعرف مصير هذه الاقتطاعات التي تحدد بالأيام، كما أن عمال الإنعاش يتحدثون عن أرقام ما بعد الفاصلة في الأجور المقررة لهم، والتي قد لا يتم استخلاصها ولا يعرف مصيرها أيضا، بالرغم من ضخامتها، إذا افترضنا أن هناك احتمال توزيع عشرات الآلاف من بطائق الإنعاش.
وبالرغم من تراجع حجم الاستغلال، والاحتقار لعمال الإنعاش من طرف المسؤولين، خصوصا بعد تأسيس مكاتب نقابية لعمال الإنعاش الوطني ببعض الأقاليم،.فقد تحدثت بعض المصادر المطلعة عن استمرار اشتغال عمال الإنعاش في بعض الإدارات العمومية، وممارستهم لمهام يفترض أن يقوم بها أطر يستفيدون من تعويضات ضخمة، كما هو الشأن في قطاع الصحة الذي يتوفر على 5 سائقين أزيد من عشرين سنة/ ولم يتم إدماجهم، كذلك التعليم، و بعض الإدارات الأخرى، مثل البلديات التي ما تزال تستغل عمال النظافة دون أن تكون لهم أي حماية صحية أو قانونية، بالرغم من خطورة العمل الذي يقومون به، إلى جانب ما سبق، يعج قطاع الإنعاش بالأشباح، الذين يستفيدون من البطائق دون تقديم أي عمل يذكر، فإذا استثنينا بعض الحالات الخاصة والتي يستحق أصحابها بطائق الإنعاش إما لكونهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو من كبار السن، أو من بعض الأرامل.

إن ما تم الحديث عنه من معطيات تهم القطاع، يستوجب إيفاد لجان تحقيق على أعلى مستوى، خصوصا في ظل عدم استجابة العمالات لدعوات الإعلان عن لائحة المستفيدين من بطائق الإنعاش، بالرغم من المطالبات المتكررة، من العديد من الهيئات، كما أن الأمر يستوجب تغيير آليات الاستفادة من خلال وضع معايير محددة، واعتماد الشفافية في الإعلان عن المستفيدين، إلى جانب اعتماد الوضوح في مصير الاقتطاعات التي تتم من أيام العمل، واعتماد الوسائل الحديثة في دفع أجور العمال، إما عبر الأبناك أو عبر البريد لتسهيل الاستخلاص، وتجنب مواقف كثيرة تحط من كرامة الإنسان، خاصة النساء وكبار السن، والحد من أي تلاعب يحتمل أن يحدث، كما يفترض الإعلان عن مصير البطائق التي طرد أصحابها من عملهم أو انتزعت منهم أو توفوا في ظل حديث البعض عن استمرار صرفها بأسمائهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق