أخبارمجتمع

حماية الأسرة المغربية ليس بالدعاية للنموذج الغربي يا مسؤولي برنامج ” لحبيبة مي “

LAHBIBA MI

تأكد من توالي حلقات برنامج ” لحبيبة مي” الدعائي لنموذج الأسرة الغربية، التي تتخلى عن الشيوخ من أفرادها في دور العجزة، أنه لا يزال في الإمكان حماية الأسرة المغربية في مجتمعنا من الانهيار والإفلاس الذي وصلت إليه الأسرة الغربية، رغم افتقارها إلى الدعم المادي الذي يمكنها من القيام بمسؤوليتها اتجاه أفرادها من كبار السن، وأنه بالإمكان أيضا حمايتها من الانهيار والإفلاس الذي تعيش عليه الأسرة الغربية، رغم تطور المجتمع الغربي ونمط عيشه الاستهلاكي الفاحش.

إنه بالحديث عن فوائد ومحاسن وضع كبار السن في دور العجزة الذي يحاول طاقم برنامج ” لحبيبة مي” الدعاية له، فإن هذه الدور لا يمكن أن تكون بديلا عن أسرنا التي توفر الدفء والحماية لأفرادها، بالمقارنة مع الأسرة الغربية التي فشلت في تقديم الرعاية الاجتماعية والنفسية لأفرادها، من خلال الظواهر الاجتماعية التي أصبحت عليها، من تفكك عائلي وغياب العلاقات الأسرية القوية بين الزوجين، ورهانها على تربية الأبناء خارج الحماية الأسرية، وانعدام التواصل بين الأجيال، ناهيك عن نسب الطلاق المرتفعة في هذا المجتمع الغربي .. وبالتالي، عجز هذه الأسرة عن القيام بوظائفها الاجتماعية، مما يعني أن أصحاب برنامج ” لحبيبة مي” قد فشلوا في الدعاية لهذه الأسرة التي تعود بداية تراجع دورها التأطيري .. التربوي .. الصحي والثقافي إلى الحربين العالميتين التي تعرضت فيهما إلى هذه الأمراض الاجتماعية التي تفاقمت مضاعفاتها مع تحول المجتمع الغربي السريع وضغوط نمطه الاستهلاكي القهري المتوحش.

لن نؤكد على هذه الحقائق الملموسة في واقع الأسرة الغربية .. لذلك، لا تراهنوا على الدعوة إلى ما يخالف هوية الأسرة المغربية التي لا زالت حضنا دافئا لأفرادها، كما تعيش عليه في الوسط البدوي وفي المدن التاريخية، وفي الأسرة التقليدية الفقيرة بصفة عامة، والذي يتجلى في حرصها رغم وضعها الاقتصادي والاجتماعي الهش والضعيف على الإصرار على التضحية والرعاية لفائدة المسنين من أفرادها المحسوبين على الزوجين وحتى الأقارب في بعض الأحيان، مما يجعل هذه الدعاية التي يقوم بها برنامج ” لحبيبة مي” فاقدة للشرعية على جميع الأصعدة، رغم توظيفها للتراث ومنهجية دغدغة مشاعر المشاهدين لتمرير هذه الدعاية .. ولأجل ذلك، نقول لمن يروجون لدور العجزة التي تعتمد عليها المجتمعات الغربية لتأمين ورعاية مسنيها: “أن الأسرة المغربية لا تحتاج للقيام بهذه الوظيفة، بل تحتاج إلى الدعم المادي، وأنه بالإمكان ضمان الرعاية الصحية والاجتماعية في هذه الأسرة التي لا تزال ملاذا آمنا لكل أفرادها، وقادرة على توفير الخدمات الصحية والاجتماعية التي تحافظ على تمسك أفرادها بالعيش فيها متضامنين ومتماسكين، إذا ما وضع المسؤولون وضعيتها ضمن الأولويات في سياستها الاجتماعية”.

حينما نطرح في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، سلبيات برنامج ” لحبيبة مي”، فالأمر يتعلق برؤيا سوسيواقتصادية واجتماعية وثقافية لا زالت مطلوبة في التوجيه والتخطيط والتنفيذ المتعلق بالسياسة الاجتماعية التي تتبناها الحكومة، في شخص الوزارة المعنية بالأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، الذي يدعو إلى التمسك بالمرجعية الإسلامية في المجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، والذي يظهر أنه انسلخ عن هوية إيديولوجيته التي لا زالت مصدرا لثقة المواطنين المغاربة ودعمهم لمرشحيه في جميع الانتخابات .. ولا نعرف في المستقلة بريس لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، كيف غابت مساوئ هذا البرنامج عن الحملات التكفيرية والتخوينية التي تقوم بها الكتائب الإلكترونية لهذا الحزب حتى الآن ..؟

إن كان لا مفر لأصحاب برنامج ” لحبيبة مي” من الاستمرار في تقديم هذه الحلقات لإبراز محاسن دور العجزة، فإن الأولى لطاقمه هو تنوير المسؤولين بما يجب أن يقوموا به حتى تظل الأسرة المغربية كفيلة بهذا الدور الاجتماعي الذي يدخل في وظائفها الأساسية .. و نظن أن تحسين وضعية الأسرة المغربية هو المدخل لقيامها بهذه المهمة التي فشلت فيها الأسرة الغربية، رغم استحالة المقارنة بينها وبين الواقع الذي توجد عليه الأسرة المغربية الشرقية، ومدى تدخل الحكومات في الدول الغربية لتأمين الحياة الكريمة لأفراد أسرها .. ناهيك عن ما يتمتع به المسنون منهم من ضمانات وإمكانيات لقضاء هذه الفترة المتأخرة من حياتهم في أحسن الظروف، في الوقت الذي لا زالت فيه الأسرة المغربية التقليدية والفقيرة عاجزة على تأمين الحد الأدنى من الحاجيات والخدمات التي يتطلبها قيامها بالوظائف المطلوبة منها اتجاه كبار السن من أفرادها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق