أخبارمجتمع

“مجانين سياقة الدراجات النارية”

 أضحت السياقة المتهورة، لفئة عريضة من أصحاب الدراجات النارية، سواء ثلاثية العجلات، أو ذات عجلتين، مشهدا سيئا لمدننا وقرانا، ولشوارعنا ودروبنا وأزقتنا؛ وخاصة في صفوف المراهقين، وكذا بين عمال توصيل الطلبات، أو ما يطلق عليهم الشارع المغربي اسم عَنْ عَنْ، بتفخيم العين

 ومع تفشي هذه الظاهرة السلبية، ارتفعت الأصوات هنا وهناك، مستنكرة للفوضى العارمة التي تحدثها الدراجات النارية على امتداد طرقاتنا، مطالبة بضرورة التعامل بكل حزم وبكل صرامة مع مستعمليها، والذين أصبحوا يتفننون في خرق قانون السير، ويبدعون في تجاوز حواجز مراقبة السير على الطرقات، ناهيكم عن الرعب النفسي الذي أصبح ملازما للراجلين ولمستعملي الطريق على حد سواء، وخاصة في فصل الصيف، حيث تتضاعف المخاوف بارتفاع الحركية والسير والجولان، نتيجة انتعاش السياحة الداخلية، بحيث لا تكاد تخلو طرقنا على امتداد اليوم من وقوع حوادث مميتة، تذهب مجانا بأرواح بريئة، وتخلف عاهات مستديمة، مكبّدة الاقتصاد الوطني أضرارا بليغة .. فمثل نقل الركاب بدون رخصة، حيث يمنع القانون منعا كليا على الدراجات النارية ذات ثلاث عجلات، ومع ذلك نرى بأم أعيننا مثل هذه العرابات مكدسة بالركاب متوجهة بهم إما إلى الأسواق أو إلى ملاعب كرة القدم، أو إلى المواسم، والغريب في الأمر أنها تجتاز حواجز المراقبة للدرك الملكي أو الأمن الوطنيـ بلا حيا ولا حشمة ـ دون أن يطبق عليها القانون .. ناهيكم عن الحالة غير الطبيعة، لبعض سائقي الدراجات النارية بكل أصنافها، نتيجة لاستعمال المخدرات وتناول حبوب الهلوسة، أو استعمال البوفاوغيرها، إضافة إلى الضوضاء التي لا تطاق، والتي يحدثها ضجيج المحركات، بعد إدخال تعديلات غير قانونية عليها، إلى جانب الضوضاء الناتجة عن استعمال بعض الباعة لمكبر الأصوات على امتداد اليوم، وحتى غروب الشمس، وهم يجوبون الشوارع والدروب والأزقة، رغم كونها ممنوعة

 قد يقول قائل، أن السعي الحثيث لتوفير لقمة العيش، هو الدافع الرئيس للسرعة المفرطة لأصحاب هذه الدراجات، ولخرقهم لعلامات المرور، ولـ حرقهمللضوء الأحمر .. علما، أن السعي الحلال لتوفير لقمة عيش شريفة، ما كان في يوم من الأيام، سببا في الاستهتار بسلامة الأرواح، وحماية الإنسان، والحرص على حقه في الأمن والسلامة والسكينة والطمئنينة .. والعيش الهادئ

 أما عن استعمال الدراجات النارية من بعض المجرمين، لاعتراض سبيل المارة، وسلبهم أمولهم وممتلكاتهم بالقوة، عن طريق العنف وتوظيف السلاح الأبيض؛ إلى جانب قيامهم ـ بما يطلقون عليه ـ ترويض الدراجات النارية، بعد إدخال تعديلات على محركاتها، وقيادتها بشكل هستيري، متمددين فوق سروجها، سواء على بعض مقاطع الطرق السيارة، أو على بعض الطرق الوطنية، كما توثق لذلك بعض الأشرطة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، فهذان أمران خطيران، لا بد للجهات المسؤولة أن تتدخل بشكل دائم وفوري، لتوقيف كل مخالف وتحرير محضر صارم ودقيق في حقه، وتقديمه إلى العدالة كي تقول كلمتها في حقه

لكل هذه الحيثيات وغيرها، فإن المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، بصفته هيئة حقوقية مستقلة، ومتبنيا للحقوق الكونية في شموليتها، دون إهمال للخصوصية المغربية، ثقافة وتكوينا و واقعا:

1/ يدعو إلى ضرورة التدخل العاجل، والدائم، والحازم، في حق كل مخالف؛ مع التشبث أيضا بالتطبيق الصارم لقانون السير، في حق كل المتهورين

2/ يقف إلى جانب كل ضحايا حرب الطرقات وأسرهم، مستنكرا كل السلوكات والتصرفات اللا مسؤولة، معربا عن استعداده الدائم واللا مشروط من موقعه البسيط، إلى الانخراط إلى جانب كل القوى الحية، من أجل القيام بكل الأعمال التحسيسية، تطوعا ومجانا، بغية أنسنة طرقنا وشوارعنا ودروبنا وأزقتنا

3/ يتشبث بأن فكرة ضرورة بناء الإنسان، هي أولى الأولويات، قبل الحديث عن أي حق من حقوق الإنسان .. وبالتالي، فوَرْش بناء الإنسان، يبقى أهم وأبرز عملية بناء مجتمعية، على الجميع أن ينخرط فيها قلبا وقالبا، في إطار من الانتقائية، والشعور بالمسؤولية، ونكران الذات، و وضع المصلحة العليا للوطن فوق الجميع، وفوق كل اعتبار

4/ يشد بحرارة، على أيادي كل الساهرين على أمن وسلامة المواطن والوطن .. مستحضرا المجهودات الجبارة التي يقومون بها، رغم قلة الإمكانيات البشرية المادية واللوجيستكية، ورغم ضآلة الحوافز المعنوية والمادية، مقارنة مع خطورة وجسامة المهام الملقاة على عاتقهم

5/ يدعو إلى ضرورة إدخال بعض التعديلات على قانون السير، خاصة فيما يتعلق بعدم احترام الضوء الأحمر، وإدخال عقوبته في مجال محاولة القتل العمد، في حالة وقوع حادثة سير دون وفاة؛ وفي خانة القتل العمد في حالة وقوع حاثة سير نتجت عنها وفاة

6/ نطالب بالتطبيق الصارم للقانون من طرف رجال الشرطة والدرك الملكي، في حق كل المخالفين، وعدم التساهل مهم مهما كانت الظروف

 7/ يظل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان بكل مكوناته باسطا ذراعيه، للانخراط بدون قيد ولا شرط، في أي عملية بناء، تصب في اتجاه تطوير وتأطير وتثمين الرأسمال البشري ـ بشكل عام وفي كل المجالات ـ والذي هو محور كل تنمية   

     الدار البيضاء في: 06 غشت 2023  

عن المكتب التنفيذي

رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان د. محمد أنين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق