
صحيح أسامة رحل .. لكن، الأسئلة ستلاحق من صمتوا ورفضوا حتى إصدار بلاغ للتوضيح
ذ. يوسف الإدريـــــــــسي
عادة، حين تقع حادثة طارئة تهز الرأي العام وتثير موجة غضب عارمة، تسارع المؤسسات السياسية والشخصيات العمومية إلى إصدار بلاغات وبيانات، أو الظهور إعلاميا لتوضيح حيثيات الواقعة، وإرسال رسائل طمأنة للرأي العام وللفاعلين المجتمعيين، في محاولة لامتصاص الاحتقان والإعلان عن الإجراءات اللازمة لتصحيح الوضع
وقد يرافق ذلك تقديم الاعتذار أو حتى الاستقالة إذا ثبت وجود مسؤولية تقصيرية .. هكذا، يكون الحال في الدول والمؤسسات التي يحترم مسؤولوها أنفسهم قبل أن يحترموا مواطنيهم
مناسبة هذا الكلام هي الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها الشاب أسامة رحمه الله، إثر انقلاب دراجته بسبب اصطدامها بمطب طرقي وسط مدينة اليوسفية، مما خلف موجة استياء واسعة، مع تحميل المسؤولية كاملة لرئيسة جماعة اليوسفية، باعتبارها الجهة المخولة قانونيا بصيانة الطرق والمسالك الجماعية، وفق المادة 87 من القانون التنظيمي رقم 113.14، التي تلزم الرئيس بصيانة البنية التحتية، والمادة 94 التي تلزمه بتنفيذ برنامج العمل بعد إعداده وفق المادة 78 من نفس القانون
ورغم خطورة الحادث وإنسانيته، فإن رئيسة الجماعة لم تصدر، إلى حدود كتابة هذه السطور، أي بلاغ أو بيان يوضح للرأي العام حيثيات ما وقع، وكأن الأمر لا يعدو أن يكون حادثا عرضيا لا يرقى إلى مستوى التوضيح أو الاعتذار، أو كأن روح أسامة التي أزهقت لا تستحق كل هذا الكلام
هكذا، فإن هذه النصوص وهذه المواد لا تترك مجالا للتأويل أو الافتراض .. فالمسؤولية هنا ليست أخلاقية فحسب، بل قانونية كذلك، إذ يترتب على الإخلال بها إمكانية المساءلة الإدارية، وربما حتى المتابعة القضائية في حال ثبوت الإهمال أو التقصير المؤدي إلى أضرار جسيمة، فضلا عن إزهاق الأرواح البريئة
مرة أخرى أقول، إن الصمت في مثل هذه القضايا لا يعد فقط ضعفا في التواصل، كما يعتقد البعض، بل هو إشارة سلبية تمس الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم، وتطرح أسئلة ملحة حول معنى المسؤولية العمومية وجدوى القوانين إذا بقيت حبيسة النصوص، ورهينة الأنانية المستعلية لدى بعض المسؤولين