متفرقات

هذا رأيك .. ولست شخصيا ملزما به

د. خالد عايد الجنفاوي
بعض أنواع الاستغلال المُسيء وغير المسؤول لأجواء الحرية في أي مجتمع تتمثل في محاولة أحد الأفراد العاديين فرض رأيه الشخصي على الآخرين، وتقليله من شأن وجهات نظرهم، بل وربما سعى هذا النوع المتزمت من الأفراد إلى إرغام من يشاركونه في المسؤوليات والواجبات الاجتماعية على قبول فرضياته وتصوراته وانطباعاته وتفسيراته الشخصية حول ما يجري في البيئة المحلية.
لا يملك أي فرد عادي، وعضو في المجتمع, إجبار الآخرين على قبول رأيه الشخصي وكأنه هو فقط دون الآخرين من يمتلك الصواب أو حقاً حصرياً في الاستحواذ على الحقيقة ..! الإنسان الديمقراطي هو من يعبر عن رأيه الشخصي بشكل مسؤول ومعتدل من دون أن يضطر لإرغام الآخرين على قبوله كصواب، أو أن يوافقوا على صحة تفسيره الخاص حول أي من القضايا المحلية، فرأيي كعضو في مجتمع ديمقراطي متعدد صواب يحتمل الخطأ ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب.
تنطبق معادلة حرية الرأي والتعبير المسؤولة نفسها على من يحاول فرض أسلوب حياته الخاص على باقي أعضاء المجتمع، فأضيق أنواع التزمت الفكري وأشد أنواع الاقصائية تتمثل في محاولة فرد أو مجموعة قليلة من الأفراد فرض ارائهم وأساليب حياتهم الخاصة على باقي أعضاء المجتمع، فهذا النوع من التحايل الفكري والعنجهية الشخصانية تتناقض مع مبادئ التعددية والتنوع في المجتمع، بل ويتعارض فرض الرأي الشخصي مع التوافق الاجتماعي والعيش السلمي، فلا يمكن أن يحتكر احدهم الصواب لوحده ويستمر يزعم أنه فقط يحوز الحقيقة المطلقة، أو يملك الحرية المطلقة في قول ما يشاء لمن يشاء ووقت ما يشاء.
من يقبل استحقاقات التعددية والتنوع في مجتمعه يُدلي برأيه بشكل عقلاني لا يهين كرامة من يشاركونه المسؤوليات والواجبات والحقوق الوطنية,،فلا يُعتبر رأياً شخصياً حراً ما يزدري الآخرين، أو يقلل من قيمتهم المعنوية، أو يقصيهم من المعادلة الوطنية.
أستطيع كفرد حر ومستقل وعضو في مجتمع ديمقراطي أن أعبر وأعلن عن رأيي بمنتهى الحرية ما دمت أحرص كل الحرص على عدم الاستهانة بآراء ووجهات نظر من يشاركونني الواجبات والمسؤوليات الاجتماعية، فالإنسان السوي والديمقراطي قدوة لغيره لأنه يحترم مبادئ واستحقاقات حرية الرأي والتعبير المسؤولة ولا يتجاوز حدودها المنطقية .. تتجلى الممارسة الديمقراطية الإيجابية في قبول حتمية تعدد الآراء وفي عدم محاولة إرغام الآخرين على المسايرة النفسية والفكرية القسرية فقط لأن البعض يعتقد أنه يحتكر الصواب والحقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق