كلمة النقابة

المثقفون في عالمنا العربي والإسلامي والمنفى الإرادي ..!

هل قرر مثقفونا في عالمنا العربي والإسلامي المنفى الإرادي عن الاشتغال في قضايا مجتمعهم الذي يتربص به هؤلاء الذين يصنفون المثقفين ضمن المارقين والفاسدين .. والذين لا يفوتون أي مناسبة للنيل من مساهمتهم النقدية والتنويرية والإبداعية إلى الدرجة التي وصلت فيها بعض الجماعات المتطرفة إلى تخوبنهم واعتبار العمل الثقافي رجس من عمل الشيطان .. ولم يعد أمام المثقفين إلا اختيار المنفى الإرادي قي ظل هجمة هؤلاء التتار الذين استباحوا الأعراض والحقوق والمقدسات ..؟

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نرضى أن يكون مثقفونا في عالمنا العربي والإسلامي ضحايا لهذه الردة الحضارية والثقافية والدينية، التي تقودها هذه الجماعات التكفيرية والجهادية، ونعتبر معركة المثقفين ضد هذه الثورة المضادة أساسية، نظرا لما يمثله الفعل الثقافي من دور في محاربة هذا التوجه العدمي الظلامي، الذي يلوح به هؤلاء باسم المعتقد الديني، الذي لم يستوعبوا روحه في فترات تاريخية من فرض مصالحهم الحضارية والتفاعل الإيجابي مع جميع الحضارات الإنسانية.

لن يكون مثقفونا عزلا وفي متناول من عجزوا عن مسايرة حركة التاريخ والاقتصاد والثقافة، واعتبروا أي تحديث وتطوير في هذه المجالات خروجا عن الهوية والخصوصية المجتمعية .. وفي هذا الإطار، نطالبهم بالعدول عن المنفى الإرادي والانخراط في حياة مجتمعهم، والتحول إلى قوة اقتراحية مناضلة من أجل احتواء ما يخططه وينفذوه هؤلاء المحافظون المتخلفون، نؤكد لهم أن المعركة الثقافية تهمنا جميعا، ولن نتخلى عن الانخراط فيها، مهما كانت مقاومة هؤلاء شرسة ومتوحشة وقاسية، وليشعر مثقفونا بأننا في نفس الخندق والمعركة لمحاربة من يشوهون بسلوكاتهم الظلامية الجوانب المشرقة والمتحضرة والثورية في ثقافتنا الإسلامية والعربية، التي قدمت على امتداد تاريخها أروع الإنجازات والإبداعات والمساهمات العلمية والفكرية والحضارية، والتي يريدون اليوم تغيير جيناتها المبدعة والخلاقة والمتحركة .

ليس في مجتمعكم العربي والإسلامي من يقبل بهذا المنفى الإرادي الذي اختاره الكثيرون منكم، فمجرد الإقرار بوجوده هو إعلان صريح على رفع راية الهزيمة والقبول بالواقع الجديد، وهذا في نظرنا في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، موقف مرفوض، ولن يحسب علينا مهما ظلت هذه النقابة ملتزمة بالمبادئ التي تأسست عليها والتي ترفض دائما من يريد أن يملي عليها مثل هذه المواقف الانهزامية، وستظل على صمودها وإيمانها بالقيم الإنسانية التحررية والديمقراطية والحداثية التي تتبناها، ولن تخيفها مواقف هذه الكائنات التي اختارت التطرف سبيلا ومنهجا للتعاطي مع واقعها ومع التحديات التي تواجه العرب والمسلمين في هذه الفترة التاريخية الدقيقة، التي يراد فيها أن يكون العرب والمسلمين أمة تبشر بالعنف والفكر الظلامي.

لن نختزل موقفنا اتجاه هذه الردة الحضارية الجديدة في هذا الرأي، والمناشدة التي تفرض عليكم ضرورة التحرك، فأنتم يامعشر المثقفين مدركون خطورة هذا التوجه المضاد، الذي يحاول هؤلاء بواسطته فرملة شرعية التحول والتطور، الذي يجب أن يكون عليه واقعنا العربي والإسلامي بالرغم من كل التحديات المطروحة، التي بدأ من يروج لها يعتبر المنفى الإرادي الذي توجدون عليه اليوم هو الملاذ الأخير والآمن من ردود فعل هؤلاء التتار الجدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق