أحزاب و نقاباتأخبار

التيارين الإسلامي واليساري ووهم التحالف المستحيل ..!

استفهام

يؤكد المشتغلون في مجالات الأمراض العقلية والعصبية والطب النفسي أن من يصلون إلى درجات متقدمة من الأمراض العقلية والنفسية نادرا ما ينتهون إلى الأعراض المرضية التي يجسدونها في سلوكاتهم اليومية، وهذا ما ينطبق بوضوح على من يعتقدون من التيار اليساري والإسلامي المتطرف إمكانية ترجمتهم للعلاقات بينهما على مستوى صياغة التحالف النضالي، حيث تتضح معالم التناقض الجذري بين أهداف الإمامة الياسينية والثورة البرولتارية التي يقودها النهج الديمقراطي، اللذين لم يتعلما شيئا من تجارب المغامرة الاحتجاجية التي قاداها أيام حراك 20 فبراير، التي انتهت سريعا لعدم قدرتها على تأطير الجماهير المؤمنة بالنضال الديمقراطي المتدرج الذي يراعي مستوى الوعي السائد وإكراهات الواقع المجتمعي الموضوعية التي كانت تستحضرها القوى الديمقراطية الحزبية والنقابية والمدنية المعتدلة، وبفضلها تمت الاستجابة الدستورية والانتخابية التي حملت إسلاميي حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة، والتحالف الذي يحكم خلال هذا الفترة البرلمانية الحالية .. وللتاريخ، فالعقلانية والالتزام بالواقعية السياسية الذي برهنت عليه الأحزاب والنقابات في المغرب والمجتمع المدني هو الذي يعيش المغرب اليوم ثماره، وعلى الجذريين من اليسار والإسلاميين الإيمان بما هو متاح، والرهان على نضج وعي الشعب الذي يملك الحق في تقرير مصيره بعيدا عن أوهام اليسار الطفولي واليمين العقائدي المحافظ، اللذان يتاجران بتطلعات الشعب المشروعة في حماية الفساد والاستبداد من أجل دولة الخلافة الوهمية ودولة البرولتاريا الشيوعية اللتان توجدان في وعي هؤلاء الذين انتهى بهيمنة جماعة العدل والإحسان على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والتي تحاول تكرارها اليوم في الوسط النقابي العمالي في أفق بسط النفوذ على الحركة النقابية في الوطن، ويشكل وجودهم اليوم في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نموذجا حيا لهذا المخطط الهيمني الجديد.

لن نذهب بعيدا في التعليق على المحاولة الجديدة الفاشلة لاستعادة تحالف حراك 20 فبراير بصيغة جديدة تستهدف تكريس دولة الخلافة الياسينية ودولة البرولتاريا في تعايش وتحالف مستحيل سوف يتحقق في مخيلة قيادة التيارين فقط، ولن يعرف طريقه إلى وعي الجماهير التي أدركت واستوعبت الدرس في التحالف الأول، ولن تكون صيدا ثمينا مرة أخرى لهؤلاء الأماميين والإماميين على حد تصنيف الزميل المختار لغزيوي في مقال حولهما في عدد 19 دجنبر الجاري، اللذين اعتقدا عن صواب أو خطأ أنهما يحملان الهم المجتمعي ويمتلكان الرؤيا المضادة للقهر السياسي والطبقي السائد، وما هما في الحقيقة إلا تعبيرات أو تجليات فرضتهما المرحلة بكل كوابيسها وإحباطاتها، والتي كانت تستلزم تبلور هذا النموذج من التفكير الغير مألوف وسط بقية المنتوج المهيمن على المجتمع.

كم يحلو لمنظري هذين التيارين التلاعب بمشاعر من يسقطون ضحية الثقافة المعلبة والمنحطة، التي ينهلان منها ما يساعدهما على شرعنة الرؤيا المرحلية التي يدافع كلاهما عن مصداقيتها المفقودة في المضمون الذي يقدمانه للفئات المستهدفة التي جعلت منهما مباشرة المغامرين الذين يعتقدون في صحة خرافة الفكرة الثورية والإمامية التي توجه نضالهما في الوسط الطلابي والعمالي والشعبي، والأجدر لهما إعمال النقد الذاتي الثوري لإصلاح الأعطاب التي توجد في إيديولوجيتهما التي شاخت خلاياها الجنسية وأصبحت عاجزة على التطور في جسدهما المرفوضان من عامة الشعب الباحث عن العمل والكرامة والحرية، بعيدا عن هلوسة هؤلاء المرضى بالأفكار التي تآكلت مرجعيتها التاريخية في الدول التي ولدت فيها، فبالأحرى أن تنمو وتتحقق في دول الاستقبال كالمغرب نموذجا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق