أخبارملفات و قضايا

تحالف أخنوش والرهان على لغة التبرير والتسويف في تكريس أزمة الغلاء وتداعياتها

تُسابق مجموعة التحالف الحكومي الزمن من أجل تكريس سياسة قبول المغاربة بالأمر الواقع لضمان استقرار وجودها، وفرض اختياراتها الليبرالية المتوحشة، التي تؤثر في حياة الفئات الهشة من المجتمع المغربي، والتي تشكل السواد الأعظم من السكان في الوقت الذي تمرر فيه مشروعها التدبيري الحكومي، الذي ألفه المغاربة مع جميع الحكومات المتعاقبة، التي لا زالت متخلفة في إدارتها للشأن العام، وحريصة على الإذعان لنصائح المؤسسات المالية الدولية التي تربط استمرار القروض بالالتزام بضعف الإنفاق الاجتماعي، والتقليص من الضرائب على الاستثمارات الأجنبية، وتقليص الخدمات في القطاع العمومي مقابل توسيع مصالح وفوائد القطاع الخاص، الذي ينهب من جيوب المواطنين دون حسيب أو رقيب

إن تحالف أخنوش، لم يصنع منذ تنصيب حكومته ما يتلاءم والبرامج الانتخابية التي رفعها قبل استحقاق 08 شتنبر 2021، حيث تحمل المسؤولية الحكومية في أقطاب غير متجانسة وبدون برامج قطاعية تنموية حقيقية، ودون أجندة وجدولة لمعالجة الملفات المطروحة في هذه القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والثقافية والقضائية والرياضية .. اللهم الرهان على لغة التبرير والتسويف، الذي لا يزال الاعتماد عليه قويا في الخطاب الحكومي حتى الآن رغم فشله ومظاهره الحالمة والمعسولة فقط، كما يظهر في برنامج التحالف الجديد الذي تبنى فيه التجمع الوطني للأحرار برنامج المسار في التنمية في قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل، بدون أن يتحدث عن مصادر تمويل المشاريع التي يستهدف تحقيقها، ودون مراعاة للمخاطر المحتملة التي تتفاقم بمعدلات مرعبة لن تكون السياسة الحكومية الإطفائية قادرة على وقفها والتحكم في النتائج التي يواجهها المواطنون اليوم، والتي يصر رئيس الحكومة على تجاهلها، كما هو حال مضاعفات أزمة الغلاء لجميع المواد الاستهلاكية، التي تتصاعد على إثر غلاء أسعار المحروقات، وسيمنح المدافعين على الاقتصاد الحر المزيد من الوقت لتنفيذ سياستهم المتوحشة

بكل تأكيد، “فاقد الشيء لا يعطيه” لا يمكن للحكومة التي تتبنى شعار التغيير والبديل الأفضل إلا استعمال لغة التسويف والتبرير في مواجهة ردود المغاربة على تدبيرها الفاشل للشأن الحكومي اليوم .. علما، أنها تدرك أن المغاربة استوعبوا خلال تعاقب الحكومات السياسية عمق هذه اللغة الحكومية التي تحاول إخماد وتقليص الاحتجاجات والاحتقان وضعف السلم الاجتماعي، الذي تجري عمليات القضاء عليه من خلال هذه اللغة التي ترفع سقف المعارضة، والرفض حتى من الفئات الأكثر ضعفا وبؤسا وجهلا بما يحاك لها في السياسة الحكومية المتعارف عليها في الخطاب الحكومي، الذي اعتاد المغاربة على تلقيه في عهد الحكومات المتعاقبة .. والأخطر في الخطاب، هو شعور الوزراء بالثقة في النفس في الدفاع عن هذا الخطاب التجميلي الحالم والواعد الذي يتعاملون به مع عموم المواطنين

لا تعرف حكومة التحالف الجديد، أن الأزمة المفتعلة اليوم يمكن التغلب عليها بفعل الإمكانيات القانونية والمالية والإدارية المتاحة، وأن المسؤولين عنها المرتبطة أسماؤهم بغلاء أسعار المحروقات، والتي تعود إلى تنازع المصالح، نظرا لوجود أخنوش ضمن الشركات التي تعمل في تسويقها واحتكار استيرادها، ونظرا لتراجع أسعارها في الأسواق الدولية  

ومن جهة أخرى، فيما يتعلق بغلاء أسعار المواد الاستهلاكية المنتجة محليا فلا يمكن القبول بها، بما فيها المستوردة أيضا، ويمكن ضبطها والضرب على أيدي “المافيات” التي تتحكم في تسويقها في طريق حملات الضغط والمراجعة والزجر .. خصوصا، في المواد الاستهلاكية الأساسية المؤمنة داخل الوطن، التي يجب الرفع من نسب إنتاجها وتسويقها والدعاية التجارية لها، والبحث عن الأسواق الخارجية لضمان تسويق فوائضها عن الأسواق الوطنية، والاجتهاد وبالاستمرار في البحث عن الحلول التي تحول دون تطور حضورها في الاقتصاد الوطني إنتاجا وتسويقا

نخلص إلى أن لغة التبرير والتسويق، لن تساعد على معالجة أزمة الغلاء وإنهاء المضاربات في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، واستعمال قانون المنافسة في استيراد وتسويق المحروقات، وتوسيع البحث عنها لضمان السيادة الطاقة والأمن الذي تعرفه أسواقها في الداخل، وتأمين الاكتفاء الذاتي في استهلاك المواد الأساسية .. وكما يتحدث والي بنك المغرب، ومندوبية التخطيط والاقتصاد فالارتفاع في النسب والمؤشرات المفتعلة بالأزمة المفتوحة التي يعاني منها المواطنون ضمن الفئات الهشة تستلزم تخفيض آثارها عنهم مقابل رفع فواتيرها عن الحيثان البشرية، التي تستفيد منها في الظرف الراهن .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن أخنوش الذي خبر عالم التجارة والصناعة والزراعة، يعرف أكثر من غيره خطورة عدم معالجة آثار جنون الأسعار على السوق، ومن يذهب إليها من صغار المأجورين والعمال والفلاحين والمتقاعدين والعاطلين

على نقيض من يساهمون في إقرار الوعي المغلوط لدى المواطنين الذين اضطرتهم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى أن يكونوا سلبيين في تعاملهم مع الأزمة الاقتصادية الجديدة، أن ذلك يعود إلى عدم تطور وعيهم الوطني والسياسي من قبل الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني المعني بتأطيرهم، والرفع من مستوى متابعتهم لما يجري في الوطن، ومواجهة من يتحملون المسؤولية في جميع المجالات المرتبطة بحياتهم اليومية، سواء من الأطر أو المنتخبين

إنكم يا رئيس التحالف الحكومي الجديد، بحكم إيمانكم بالثقافة الاقتصادية الليبرالية الاجتماعية معنيون بسرعة التدخل لاحتواء أزمة غلاء المحروقات بتدابير وإجراءات المعالجة، التي لجأت إليها الدول الديمقراطية الغربية لحماية السلم الاجتماعي في دولها، والرهان على التماسك والتضامن الاجتماعي .. فالتضخم الذي وصل إلى 7 %  يجب تطويقه بسياسة مغايرة عن بؤس وتخلف يمكن أن يؤدي إلى الانفجار الذي خرب حسن النوايا والرغبة الإرادية في تحمل المسؤولية، واستعمال الضرب على أيادي الأطراف التي تريد استغلال الأزمة من أجل الإثراء السريع، وتجاوز المقبول في السياسة الحمائية والحرص على التوازن في الميزانية بالإجراءات التقشفية على الفقراء ومحدودي الدخل وصغار الفلاحين والعمال والمتقاعدين

لن نذكر أخنوش، بضرورة احتواء مشاعر الغضب والاحتقان الاجتماعي لوقف الزيادات الغير مشروعة في المواد الاستهلاكية، والمبادرة بتخفيض أسعار المحروقات من شركته أولا، وإرغام منافسيه على نفس الإجراءات في أفق التحكم في لهيب الأسعار المؤثرة على كل جوانب الحركة الاقتصادية، ويساعدكم وجودكم على رأس الحكومة في تحقيق ذلك، والبحث عن الحلول والبدائل المتاحة، وتوفير أسباب التعبئة في القطاعات التي يمكن أن توقف الانهيار الكارثي للعجز والمقاومة التي لا يزال المواطنون يتعاملون بها مع الأزمة وتداعياتها                     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق