باريس – عبد الرحيم مالكي
تحوّلت ليلة الاحتفال التاريخي بتتويج باريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا إلى مشاهد من الفوضى والعنف في العاصمة الفرنسية باريس، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين مجموعات من المشجعين وقوات الأمن في عدة مناطق من المدينة، كان أبرزها شارع الشانزليزي، الذي شهد تجمعات حاشدة واحتفالات خرجت عن السيطرة
جاءت هذه التطورات بعد فوز كاسح للفريق الباريسي على إنتر ميلان الإيطالي بخمسة أهداف دون رد في نهائي البطولة الأوروبية، وهو اللقب الأول في تاريخ النادي في هذه المسابقة، وسرعان ما امتلأت شوارع المدينة بالمشجعين، الذين توافدوا للاحتفال بهذا الإنجاز غير المسبوق، إلا أن أجواء الفرح تحولت سريعاً إلى أعمال شغب وتخريب، فقد قام بعض الأفراد بتكسير واجهات المتاجر، وإضرام النيران في صناديق القمامة والسيارات، ما دفع قوات الشرطة إلى التدخل بشكل عاجل لمحاولة السيطرة على الوضع
الشرطة الفرنسية استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الحشود .. لكن، ذلك أدى إلى تصاعد التوتر والمواجهات مع مجموعات من مثيري الشغب، الذين ردوا بإطلاق الألعاب النارية ورشق الحجارة، لتتحول بعض الشوارع إلى ساحات صراع مفتوحة، وأسفرت هذه الأحداث عن وقوع عدد من الإصابات في صفوف المدنيين وعناصر الأمن، بالإضافة إلى تسجيل حالتي وفاة بين المتظاهرين .. في حين، أُعلن عن إصابة العشرات بجروح متفاوتة
وبحسب الحصيلة المؤقتة التي نشرتها السلطات الفرنسية، صباح هذا الأحد الأول من يونيو 2025، فقد تم توقيف 559 شخصاً في أنحاء البلاد، من بينهم قُصّر، كان 491 منهم في العاصمة وحدها، كما وُضع 320 شخصاً قيد الحجز الاحتياطي، بينهم 254 في باريس .. وذكرت وزارة الداخلية، أن 22 عنصراً من قوات الأمن الداخلي أصيبوا خلال العمليات، منهم 18 في باريس، إضافة إلى سبعة من رجال الإطفاء، كما أُعلن عن إصابة 192 شخصاً من المتظاهرين، وتسجيل حالتي وفاة مؤكدة
أما على صعيد الخسائر المادية، فقد رُصد وقوع 692 حريقاً في مختلف أرجاء المدينة وضواحيها، من بينها 264 حريقاً استهدف مركبات خاصة وعامة، وهو ما يعكس حجم العنف الذي صاحب الاحتفالات بلقب طال انتظاره من قبل جماهير الفريق
وفي خضم هذه الأحداث، أصدر نادي باريس سان جيرمان بياناً رسمياً دعا فيه جماهيره إلى الاحتفال بروح رياضية وبطريقة حضارية، مبدياً أسفه لما شهدته المدينة من تجاوزات، ومؤكداً رفضه القاطع لكل أشكال العنف .. من جانبه، وصف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ما حدث بأنه “أعمال همجية”، وتعهد بملاحقة المسؤولين عن هذه الأحداث وتقديمهم للعدالة
هكذا انتهت ليلة من المفترض أن تكون لحظة تاريخية في ذاكرة الكرة الفرنسية بصورة مؤلمة، حيث أعادت إلى الأذهان التحديات الأمنية التي تواجهها الدولة الفرنسية في إدارة الحشود خلال المناسبات الكبرى، وأكدت على ضرورة مراجعة خطط التأمين والتعامل مع الجماهير في ظل الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتوترة التي تشهدها البلاد
