
اليوسفية / عامل الإقليم يفتح الحوار ورئيسة الجماعة تكمم الأفواه وتغلق الكاميرات

ذ. يوسف الإدريـــسي
في الوقت الذي دعا فيه عامل إقليم اليوسفية، خلال اللقاء التشاوري حول الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، إلى ترسيخ قيم الانفتاح والمشاركة وربط المسؤولية بالمحاسبة، للأسف لا تزال بعض الممارسات المحلية تسير في الاتجاه المعاكس، وكأنها خارج الزمن الإداري والسياسي الذي تطمح الدولة في تنزيله وتفعيله. فقد كان عامل الإقليم واضحا في كلمته عندما أكد أن التنمية الحقيقية لا تبنى من المكاتب، بل من الميدان، ومن حاجيات المواطنات والمواطنين، وأن أي مشروع تنموي لن ينجح ما لم يكن نابعا من صوت الساكنة وإشراكها في صياغة القرار المحلي
صحيح أنني لم أحضر اللقاء أو بتعبير آخر لا يراد لي أن أحضر، وهذا موضوع آخر. إلا أن عامل الإقليم بهذا التأكيد النظري، يكون قد شدد على أن الجيل الجديد من البرامج التنموية يجب أن يقوم على التتبع المستمر والتقييم الدوري وربط المسؤولية بالمحاسبة، وقد قال هذا الكلام أمام رئيسة جماعة اليوسفية التي كانت تجلس قبالته، وأيضا أمام بقية رؤساء المجالس القروية والحضرية. أي أن كل مسؤول عن تدبير الشأن العام سيسأل عن نتائج عمله ومردوديته ويجب أن يتقبل ذلك عوض الإمعان في محاولة تكميم أفواه المواطنين والإعلاميين على وجه التحديد. ثم إن المرحلة المقبلة يجب أن تطبعها الشفافية والمساءلة والإنصات للمواطن، وليس (جرجرته) في المحاكم ومخافر الشرطة القضائية
إنها مقاربة جديدة، وفق تعبير عامل الإقليم، في تدبير الشأن المحلي وتقوم على إشراك المجتمع المدني والإعلام والمواطنين في عملية التخطيط والتنفيذ والتتبع، بما يضمن انخراط الجميع في مشروع تنموي مشترك
غير أن هذه الدعوة الصريحة إلى الانفتاح والمشاركة تصطدم بواقع مغاير تعيشه مدينة اليوسفية تحديدا، حيث ما تزال رئيسة جماعتها، للأسف، تتعامل مع الصحافة المحلية بمنطق المنع والإقصاء، مانعة الإعلاميين، منذ سنوات، من تغطية دورات المجلس الجماعي، بل متجهة إلى أسلوب الشكايات القضائية في مواجهة النشطاء الإعلاميين والنقاد المحليين، في سلوك يعد ارتدادا عن مبادئ الحكامة الجيدة، ومساسا خطيرا بحرية التعبير والحق في المعلومة. فكيف يمكن تحقيق التنمية الترابية المندمجة في ظل تغييب النقاش العمومي، وحرمان الرأي العام من تتبع ما يجري داخل مؤسسات تمثله وتمول من ضرائبه ..؟!
يجب أن نعترف أن كلمة عامل الإقليم حملت في طياتها رسالة واضحة؛ هو أنه لم يعد مقبولا أن يظل التدبير المحلي مغلقا على نفسه، أو أن يستمر بعض المسؤولين في التعامل مع الصحافة والمجتمع المدني كخصوم بدل أن يكونوا شركاء. فربط المسؤولية بالمحاسبة لا يمكن أن يتحقق في غياب الشفافية، والشفافية لا يمكن أن توجد دون إعلام حر قادر على نقل الحقيقة وتتبع الأداء العمومي ومناقشته في فضاءات مفتوحة. وإذا كان العامل قد دعا إلى فتح قنوات التواصل مع المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني، فإن أول اختبار لهذا الانفتاح يبدأ أولا من احترام حرية الصحافة والإعلام وحقها في التعبير والوصول إلى المعلومة




