
اليوسفية بين فيضانات متكررة ومشاريع دون بوصلة ..!

ذ. يوسف الإدريــــسي
في نونبر 2016، عقب السيول الجارفة التي اجتاحت المنطقة بسبب فيضان وادي كشكاط، والتي راح ضحيتها البوعزيزي وابنته سناء رحمها الله، تواصل معي أحد مراسلي إحدى الجرائد لاستطلاع رأيي حول سبل تفادي تكرار مثل هذه المآسي
يومها أكدت أن الحل الأكثر نجاعة يكمن في تشييد سدود تلية صغرى للحد من قوة السيول وحماية الدواوير والمدينة من الفيضانات، إلى جانب ضرورة تقوية البنية التحتية وتوسيع شبكة تصريف المياه التي تظل الحلقة الأضعف أمام أي اضطراب طبيعي مفاجئ
تسع سنوات مرت على تلك التصريحات، لكن المشهد يتكرر من جديد .. ليلة أمس عاد الوادي إلى التدفق بقوة، ولولا الألطاف الإلهية ثم يقظة بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين بادروا إلى التحذير والتنبيه قبل وصول السيول، لكنا بصدد فاجعة جديدة تعيد الألم نفسه وتفتح جراحا لم تلتئم بعد
ورغم مرور كل هذه السنوات وما رافقها من خطابات رسمية وتصريحات متفرقة عن مشاريع التأهيل والحماية، إلا أن الواقع يثبت أن المقاربة مازالت تعتمد على رد الفعل بدل استباق الخطر .. فلا وجود لخطة واضحة للتأمين البيئي للمنطقة، ولا لمشاريع حقيقية لتوسيع الشبكات أو لتشييد منشآت مائية تقي ساكنة اليوسفية من تكرار سيناريوهات الرعب كلما ألقت السحب أمطارا غزيرة .. حتى إن مشروع أشغال حماية اليوسفية من الفيضانات، الذي تم الإعلان عنه بتكلفة مهمة وتولت إنجازه وزارة التجهيز والماء ومديرية التجهيزات المائية، لا يبدو منسجما مع فلسفة الوقاية ومبدأ الاحتراز التي يفترض أن يقوم عليها
فبدل أن يشكل المشروع خطوة مطمئنة في اتجاه تأمين المدينة، للأسف تم ترك قنوات ومجاري مائية مكشوفة في نقاط قريبة من التجمعات السكنية، مما يحولها إلى بؤر تهديد مباشر كلما ارتفع منسوب المياه أو حدث انسداد طارئ
ثم إن أفق استكمال الأشغال في نقطة قنطرة حي السلام وما بعدها، ما يزال غامضا إلى الحد الذي يمكن التشكيك في نجاعة أهدافه؛ لا جداول زمنية منشورة ولا تواصل مؤسساتي يوضح ما تحقق وما تبقى، وكأن المشروع تحول إلى ورش معلق بين الوعود والواقع
ومع كل ذلك، يبقى وادي كشكاط بريئا من كل ما ينسب إليه .. فليس فيضانه سوى نتيجة طبيعية لمساره وتاريخه الجغرافي، بينما الخلل الحقيقي في عدم احترام منطق المكان وغياب الإرادة السياسية في إيجاد الحل




