أخبارمتفرقات

للتأمل: وحدتنا الوطنية و الترابية

0.A5

*ذ. عبد الله عزوزي

الديموقراطية كانت دائماً مبنية على معادلة ” الأغلبية مقابل الأقلية”، و القرار دائما تصبح له مصداقية و شرعية كلما احتُكم فيه لمنطق صوْت الأغلبية. وعليه، هل يمكن للمنتظم الأممي أن ينحاز لأقلية، يجمع المختصون والإعلاميون على أنها جماعة من المرتزقة (Mercenaries)، تعدادها بضعة آلاف، على حساب أغلبية يمثلها ما يزيد عن ثلاثين مليون مغربي ..؟

ثم لماذا تصر نفس الجماعة الانفصالية على أن جعل المغرب هو عدوها، و”محتلها” على حد تعبيرها، لماذا المغرب بالضبط ..؟ لما لا تكون الجزائر أو موريطانيا ..؟ أو إسبانيا، مثلا ..؟

ثم إن الذين يتكلمون عن كون مشكل الصحراء يدرج بأروقة الأمم المتحدة تحت يافطة تصفية الاستعمار، هل فعلا الأمم المتحدة جادة في تصفية الاستعمار وهي التي عاشت تبارك الاجتياحات و الاحتلالات والعمليات العسكرية (كعاصفة الصحراء/ وثعلب الصحراء/ الجرف الصامد…)، تدخلات أجنبية أبادت شعوبا و محت حضارات و سممت عقائدَ و ثقافاتٍ ( أفغانستان ، العراق ، بورما ، فلسطين…) ..؟

ثم إن الذين يتحدثون عن حق تقرير المصير، فليسمحوا بذلك لدول تعيش بشخصيةِ دولةٍ واحدةٍ قوية و متطورة، رغم أن بها على الأقل ثلاث دويلات صغيرة أو أقليات عرقية. يكفينا هنا الاستشهاد بحالة سويسرا التي تعيش فوق ترابها ثلاث أقليات متباينة : الفرنسيون – الألمان – والإيطاليون؛ وحالة إسبانيا التي بها الأندلسيون جنوباً و الكاطالانيون شرقا (برشلونة)، و الباسكيون في الشمال الغربي؛ دون الحاجة لذكر الولايات المتحدة التي تقدم مثالا قويا للوحدة – على ذى العقول المتحجرة والآفاق الضيقة – و التي تبلغ مساحتها عشرات المرات أضعاف مساحة المغرب وتكاد تشكل قارة بذاتها، و استوطنها الأنجليز و البرتغاليون و الفرنسيون و الإسبان و الألمان .. و رغم ذلك فهي الآن ليست مجرد أمريكا، بل هي ” الولايات المتحدة الأمريكية”، بلد كان يمكن أن تنبت فوقه نسخة لكل بلد أوروبي ينحدر منه مهاجرون فضلوا بدأ حياة جديدة فوق بلد اكتشفه كرستوفر كلومبوس سنة 1492 ميلادية.

أظن أن الطريقة العلمية التي يجب أن لا يُغَيبها المغرب في دفاعه عن و حدته المجالية ووحدة غيره الجغرافية هي المقاربة العلمية المبنية على النقد والمقارنة والبرهان العلمي والتخطيط الإستراتيجي القائم على التكوين الأكاديمي و استهداف النخب الدولية عبر برامج تكوينية و سياحية بالمملكة. أشكال الدفاع الأخرى، كما شاهدنا مؤخرا، رغم أهميتها، ربما ليست بنفس الأهمية، وسهلة التسفيه أو الاختراق من طرف الذين لا يستنشقون الأكسجين إلا في الماء العكر، و لا تحلو لهم الحياة إلا على دقات طبول الحرب و جثث القتلى..!

* أستاذ اللغة الأنجليزية، خريج البرنامج الأمريكي للزائر الدولي، وعضو الأمانة الإقليمية للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة – تاونات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق