أحزاب و نقابات

اليسار المغربي ومتطلبات المشاركة في الاستحقاق الانتخابي التشريعي المقبل

ALYASSAR 5

جميل جدا أن تقرر أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي قاطعتها عدة مرات، وأن تتعامل بواقعية مع هذا التحدي الديمقراطي الجديد، بعد أن استوعبت أن المقاطعة لاتساعدها على أن تكون في المشهد السياسي الوطني، و لا أن توسع من مجالات تواصلها مع الفئات الاجتماعية التي تناضل من أجلها .. ومن المؤكد، أن مشاركتها ستعمل على زيادة مصداقية الاستحقاق التشريعي من جهة، وتسمح للناخبين وعموم المواطنين بالتعرف على برنامج انتخابي آخر من جبهة اليسار الذي ظل مقاطعا للعملية الانتخابية التشريعية، وهذا مانتمنى أن تكون عليه مشاركة هذا الفصيل اليساري الديمقراطي.

إن الإشعاع الحزبي اليساري في طرقه للأفول والاحتضار، وأن حجم التواصل مع الناخبين وعموم المواطنين لم يعد بذلك الحجم الوازن، سواء في الأنشطة الحزبية أو في التجمعات والندوات التي تنظمها أحزاب اليسار، وأن استرجاع القوة في التأثير على المشهد الانتخابي أو السياسي لم يعد لليسار فيها ما كان عليه حينما كانت أحزابه تنصت لقواعدها وتناضل على البرامج التي تقترحها وتقررها هذه القواعد، وأن الطريق الثالث الذي يبشر به حزب الاشتراكي الموحد لن يتجاوز عقول من آمنوا به، وأن عموم المواطنين بدأ جلهم يفقد حتى متابعة أنشطة هذا اليسار عبر الصحافة والإعلام المرئي والمسموع، فبالأحرى أن يتفاعل مع ما ينظر له قياديو هذا اليسار.

إننا في المستقلة بريس، مع الحضور القوي لليسار من خلال انتفاضته على أمراضه وتناقضاته وخلافاته، ومع إعادة وحدة مكوناته في جبهة واسعة تشارك فيها أحزاب اليسار الكبرى كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، ومع تحرك حقيقي لجميع مكونات هذا اليسار الذي تراجع إشعاعه النضالي والجماهيري في مقابل هيمنة إشعاع المنظور السياسي والحزبي اليميني واللاديمقراطي وسيطرته على الخريطة الانتخابية في الانتخابات المتعاقبة الأخيرة .. ونعتقد أن تشرذم اليسار بالصورة المحتشمة التي يوجد عليها اليوم لن تساعده على استرداد حضوره وتأثيره في المشهد الانتخابي أو السياسي، مما يستوجب إعادة النظر في هذه المواقف المعبر عنها من أحزاب اليسار المنضوية في إطار فيدرالية اليسار الديمقراطي قبل موعد الانتخابات المقبلة .. ونظن أن أحزاب اليسار الكبرى أيضا مطالبة بالتنازل عن مواقفها من الفيدرالية وبضرورة التحالف معها في الاستحقاق المقبل ولو على خلفية العملية الانتخابية فقط.

لن ننوب عن أحزاب اليسار في معالجة أسباب التدهور الذي تعاني منه مرحليا، فجميعها تعرف ما يجب عليها لتجاوز الوضعية الحالية إن كانت تريد فعلا أن يسترجع هذا اليسار قوته في الاستحقاق البرلماني القادم، للهم إن آمنت فيدرالية اليسار بما حصلت عليه في الانتخابات الجماعية والجهوية واعتقدت أن ذلك يؤهلها لفرض وجودها وانتزاع النتائج التي تسعى إليها، وإلى أن يستوعب اليسار بكل أطرافه الواقع الموضوعي الذي يوجد فيه سيكون من العبث تصور أي تغيير في الوضع الحالي إلا إذا أدرك اليسار أن الرأي العام لم يعد مع التحالف الحكومي الراهن ويتطلع إلى استعداد أحزاب اليسار الديمقراطي لهذه الانتخابات، فربما تحصل على مقاعد تعزز بها حضورها في المؤسسات المنتخبة، ومن الممكن أن يكون لها حضور في نتائج هذه الانتخابات، خاصة في المدن التي توجد فيها القوى النقابية التي تدعمها، خصوصا أن أحزاب اليمين لا يزال التصويت عقابيا على برامجها في الوسط الحضري لاعتمادها على الفساد الانتخابي .. وإلى حين إجراء الاستحقاق الانتخابي في جو صحي وسليم سننتظر طبيعة مشاركة هذا اليسار وتنوع تجاوب الناخبين مع برنامجه الانتخابي حتى يتمكن من تقييم أدائه وما يجب أن يكون عليه بصفة عامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق