أخبارملفات و قضايا

حكومة بن كيران وثقل الأزمة الاقتصادية التي لم تعترف بإكراهاتها

President Barack Obama and First Lady Michelle Obama greet His Excellency Abdel-Ilah Benkiran, Head of Government of the Kingdom of Morocco, and Mrs. Nabila Benkiran, in the Blue Room during a U.S.-Africa Leaders Summit dinner at the White House, Aug. 5, 2014. (Official White House Photo by Amanda Lucidon)

ها هي الأرقام وبلسان وزير الاقتصاد والمالية تؤكد على صدق تحليلنا الاقتصادي لسياسات الحكومة التي كان رئيسها وصقور الأغلبية يرفضونها ويروجون بدلها بما لم تتمكن من ترجمته من برنامجها الانتخابي، ومن التصريح الذي نالت به ثقة البرلمان من أغلبيتها .. فهل لا يزال هناك ما يمكن إخفاؤه عن الرأي العام الوطني اتجاه العجز في معالجة إكراهات الأزمة الاقتصادية يا رئيس حكومتنا ..؟

إن تقديم الأرقام وبهذه الصرامة يحسب للحكومة، وهي خطوة يجب الالتزام بها مستقبلا في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة .. ومن دون شك، فإن الأغلبية الحكومية عليها أن تبرر فشلها الاقتصادي في الانتخابات التشريعية المقبلة، وأن تشرح للرأي العام الوطني المبررات الموضوعية التي جعلت أداءها دون تطلعات برنامجها وأهداف المشاريع التي التزمت بها خلال مدة ولايتها، واستخلاص العبرة من الأرقام والمؤشرات التي أوضحت بالملموس طبيعة أدائها الاقتصادي الفاشل.

يشكل ما عبر عنه وزير الاقتصاد والمالية كمؤشرات عن الوضع الاقتصادي الوطني الحصيلة التي لم يتجرأ رئيس الحكومة حتى اليوم على عرضها للرأي العام الوطني وللمعارضة حتى يكونا متابعين للتحديات والإكراهات التي تواجه التحالف الحكومي في المجال الاقتصادي.

سيكون من الصعب إذن على الحكومة الدفاع عن سياساتها الاقتصادية التي لم تحقق أي تطور في كل المجالات الاقتصادية، سواء المرتبطة بالإنتاج أو التسويق أو التمويل أو التشغيل، ومن الأنسب للأغلبية الاعتراف بمساوئ الأداء الاقتصادي، خصوصا في هذا الظرف الذي تتهيأ فيه لطلب تجديد الثقة من الناخبين، ولا حاجة إلى تغليط الرأي العام الوطني بما لا يمكن أن يساعد على تبرير الأخطاء في الاختيارات والسياسات التي كانت كارثية في نتائجها على الوطن والمواطنين.

إن الأنسب لصقور الأغلبية الحكومية مواجهة المعارضين وعموم المواطنين بالحقائق التي تشرح وتعلل وتعرف بكل الأسباب والإكراهات التي ساهمت في الفشل الحكومي، بدل هذا التصعيد الهجومي والاستئصالي الذي يقوي الإحساس بالمسكوت عنه الذي يفضح مظاهر سوء الأداء الحكومي القطاعي والشمولي، سواء في النسخة الأولى أو الثانية .. خصوصا، إذا أصبحت الأطراف المشاركة في التحالف تتحدث عنه صراحة.

إذن، كل المؤشرات صادمة بالنسبة للائتلاف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، فلا نسبة التحولات لم يتجاوز 2،2 %، ولا تغطية 8.3 % ، من الناتج الداخلي لفوائد الاقتراض الأجنبي، و لا نسبة التضخم التي لا تقل عن 3 %، ولا البطالة التي تتفاقم نسبها حتى وسط حملة الشهادات الجامعية والمهنية، ولا نسبة الفقر التي لن تقل عن 4 %، ولا حرية الأسعار الجنونية التي بخرت القوى الشرائية لعموم الكادحين يمكن أن تبرر السياسة الحكومية في نهاية المطاف.

إذا كانت الأرقام والنسب والمؤشرات تؤكد صحة الخلاصات النقدية عن سوء الأداء الاقتصادي للحكومة، فإن على أحزاب الأغلبية الحكومية الانصراف إلى استغلال هذه المعطيات الرقمية التي عرضها وزير الاقتصاد والمالية على الرأي العام الوطني في صياغة البرنامج الانتخابي الذي سيتقدم به لاستحقاق 07 اكتوبر 2016، وعدم الشعور بالرضا على الإنجازات البسيطة المرتبطة بالإنفاق في بعض المجالات الاجتماعية، والإسراع إلى نقد الرؤيا التي تم الاعتماد عليها في تدبير الاقتصاد خلال هذه الولاية التشريعية التي اقتربت نهايتها، ما دامت مؤشراتها صادمة ولا تسمح لأشد الصقور بالدفاع على الأداء الاقتصادي للحكومة، وهذا ما يقتضي إلى من يقوم بهذه الرؤيا النقدية التي يبدو أن المبررات التي كانت تتبناها في الدفاع عن أدائها لم يعد بالإمكان اللجوء إليها، أو تجميل صورة الأداء المحدود، كما عبرت عنه الأرقام والمؤشرات التي جاءت في ردود وزير الاقتصاد و المالية في البرلمان.

على ضوء هذه المعطيات الاقتصادية الملموسة لا تستطيع حكومة بن كيران تجاهل مساوئ هذا الاغتناء الاقتصادي الحر الذي توجهه الرأسمالية المتوحشة التي تطبق في دول المركز الرأسمالي في اقتصادياتها، حيث لاتتبنى الليبرالية الاقتصادية التي تتضمن حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية إلا في إطار الديمقراطية الاجتماعية التي تقوم عليها الليبرالية الجديدة، بدل المتوحشة.

وبهذا، ليس أمام حكومة بن كيران إلا الاعتراف بالخطأ في اختيار نموذج التنمية القائم على الاقتصاد الحر الغير مراقب من الدولة والمحقق للثروة والعدالة والحكامة في التنمية التي لم يتحقق منهتا شيء.

نتمنى أن تضع الحكومة وأغلبيتها الراهنة هذه المعطيات في حوارها مع المواطنين أثناء الحملة الانتخابية لاستحقاق 01 اكتوبر المقبل، إن كانت تريد أن تتجنب انتقادات المواطنين عن أدائها السلبي للاقتصاد الوطني الذي لن تنفع فيها اللغة البئيسة في الشرح والتحليل والتعليق .. ونظن في المستقلة بريس، أن العفاريت والتماسيح ودوائر التحكم التي كنت تروج لمعارضتها يا رئيس الحكومة لن تستطيع الاعتماد عليها في الدفاع عن تدبيرك الحكومي بصفة عامة والاقتصادي بصفة خاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق