أحزاب و نقابات

ما هذا الذل الإرادي يا أمة الصحافيين والإعلاميين المغاربة ..؟!

الخلفي 1

شكرا لكم يا معالي وزيرنا في الاتصال على هذا الكرم الحاتمي في هذا التوقيت لهذه الطوابير من الصحافيين والإعلاميين المغاربة، الذين كانوا ينتظرون حصولهم على الدعم الذي قدمته لهم جمعية الأعمال الاجتماعية للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي اعتبرتها الإطار النقابي الذي يمتلك الشرعية وحده في النيابة عنكم في توزيع هذا الدعم مقابل الاستمارة التي خصصتموها لذلك، والشكر مضاعف لكم، لأنكم تذكرتم أمة الصحافيين والإعلاميين في هذا الوقت المتأخر من إشرافكم على قطاع الاتصال، وهذه سابقة لم يلجأ إليها من سبقوكم إلى الوزارة الوصية على القطاع، وهي عربون على مدى تضامنكم مع أمة المهنيين .. وسنكون في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، سعداء إذا ما خرجتم يا سيادة الوزير للرأي العام الوطني وشرحتم الخلفيات والمبررات التي اضطرتكم للإقدام على هذا الكرم السخي في هذه الأيام الأخيرة من عمر حكومتكم، وبواسطة جمعية الأعمال الاجتماعية للنقابة الوطنية للصحافة المغربية التي ليست وحدها في المشهد النقابي الوطني التعددي، وفي الوقت الذي ينتمي فيه السيد الوزير لحزب مغربي مؤمن بهذه التعددية في نظامنا السياسي، ويعترف بالوجود الشرعي لبقية المنظمات المنافسة لنقابة الحزبين: “الاتحاد الاشتراكي .. الاستقلال”، وفي الوقت أيضا الذي يتوزع المشهد النقابي بين المركزيات والنقابات المهنية المتعددة في مرجعياتها واختياراتها ومشاريعها النقابية، ويتوفر على مركزية نقابية كان من المفروض أن تكون لها نقابة مهنية للصحافة والإعلام.

لن نختلف معك السيد الوزير في تقديم وزارتك للدعم للعاملين في الحقل الصحفي والإعلامي، ولكن ليس بهذه الطريقة الانتخابوية المفضوحة، وفي هذا الظرف القريب من انطلاق الغزوة الانتخابية، إلا إذا كان قلبك مع الصحافيين والإعلاميين وتريد أن لاتذهب من الوزارة إلا بعد ترك إحدى البصمات التي ستحسب لك في رصيدك في هذه الوزارة.

إن المنهجية التي اعتمد عليها السيد الوزير لا تخفي المصالح الحزبية الواضحة فيها، ناهيك عن توزيع الدعم بهذه الطريقة المذلة على الصحافيين والإعلاميين، وفي طوابير تذكرنا بأيام الكوارث ومناسبات توزيع الصدقات على المحتاجين والمتضررين، وعبر الاستمارة التي وضعتها جمعية الأعمال الاجتماعية لهذا الغرض، ودون مساهمة باقي المنظمات المؤطرة للفاعلين التي لا يزال إقصاؤها واضحا، والذي ينضاف إلى مهزلة صياغة مشاريع قوانين الصحافة من قبل المقربين من الوزير في شخص فيدرالية ناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية وبعض الحقوقيين، والتي تم تمرير بعضها بالاحتكام إلى الأغلبية العددية في الغرفة الأولى.

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعرف وضعكم السيد الوزير الذي لا تحسدون عليه في ظل اللوبيات التكنوقراطية التي يعود أغلبها إلى الأحزاب الثلاثة المهيمنة على الوزارة، ولكن هذا الوعي بواقعكم لا يعني مباركة مثل هذه الخطوات التي تساهم في تكريس هذا الواقع التمييزي ضد النقابات الأخرى .. ولتعلم معالي الوزير أننا نحاسبكم على المسؤولية التي تقومون بها على رأس الوزارة، وعلى المال العام الذي قررتم صرفه بهذه الفتوى من اللوبي المسيطر على الوزارة الذي من الطبيعي أن يجتهد حتى يؤمن مصالح الأطراف الحزبية والنقابية التي ينتمي إليها، والتي للأسف نعرف أن عموم المهنيين المنتمين للنقابة التي تزعمت توزيع الدعم، وحتى المحسوبين على فيدرالية الناشرين لايوافقون على هذا التعاطي المصلحي الذي لن يزول إلا بوضع الصحافة والإعلام تحت جهاز وطني منتخب بطريقة ديمقراطية من عموم الفاعلين المنتمين إلى جميع المنظمات التي تؤطرهم، التي لا زال منها من ينتظر اللقاء المباشر معكم منذ توليكم زمام أمر هذه الوزارة.

إنكم السيد الوزير أفلحتم بامتياز في ترجمة المقاربة التشاركية التي طالبناكم في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بالاحتكام إليها، لكن ما لبثنا أن فوجئنا بالمقاربة التشاركية التفضيلية والتمييزية التي لم يكن يترقبها المهنيون من وجودكم لصالح من يتحكمون في القرار في الوزارة .. وإلى حين تغير الوضع الغير الطبيعي في الوزارة واستقلال المهنيين ستظل هذه القرارات العشوائية المصلحية هي الموجهة لسياسة الوزارة التي كان عليها أن توزع هذه المنحة على موظفي وسائل الإعلام التابعة لها، والخاضعة لسلطتها عبر جمعية الأعمال الاجتماعية المنتخبة من طرفهم، وعلى يد أي نقابة تحظى بتأييدهم .. أما عموم المهنيين الغير خاضعين إداريا وماليا إلى الوزارة، فيجب أن يوزع عليهم الدعم بالصيغة الملائمة لهذا الاستقلال التي يتم التوافق عليها قبل تنفيذها.

قلتم السيد الوزير أنكم ستغيرون طريقة صرف المنحة في المستقبل وكأنكم واثقون من العودة إلى المنصب الوزاري بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، فلكم ذلك إن تحققت أمنيتكم .. أما إخواننا الذين وقفوا في الطوابير من أجل الحصول عليها (المنحة) فلهم منا التنويه على هذا السلوك الانتهازي المفضوح والمكشوف .. ويكفينا المثل الذي يقول:”إذا لم تستحي فاصنع ما شئت” وسيكونون أحبوا أم كرهوا ضد أبسط القيم والمبادئ التي يقوم عليها السلوك الصحفي والإعلامي .. وعزاؤنا الوحيد في ضمائرهم حينما تستيقظ وتستعيد وعيها وتكتشف حجم الذل الذي ساهمت في تكريسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق