كلمة النقابة

عن حكاية “البلوكاج” والانقلاب الناعم ضد تشكيل حكومة ابن كيران

من المؤسف أن من يناقشون أزمة تشكيل الحكومة يزايدون على أطرافها تعسفا كأن ابن كيران مظلوم، وتقتضي الظرفية مساندته، وأنه عجز على إقناع الأطراف التي يحاورها في قضية التشكيل الحكومي .. فمنهم من ذهب إلى أنه هناك “بلوكاج” من ذوي العقد في دوائر التحكم والمخزن والدولة العميقة، وأن هناك انقلابا ناعما تقوده أحزاب مصنوعة في مطبخ الإدارة .. وهناك من ربط الأزمة بمحاولات الأحزاب للحصول على ما يفوق شرعية المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية الأخيرة .. وهناك من يختفي وراء أسطوانة ابن كيران المتعلق برفض أخنوش لوجود حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة إلى غيرها من الحجج الواهية التي يتحدث عنها ابن كيران من خلوته في بيته.

ليس لابن كيران المزيد من الوقت للاستمرار في منهجيته البرغماتية في المشاورات مع الأحزاب التي يراهن على التحالف معها، سواء التي تنتمي إلى الكتلة أو إلى اليمين الليبرالي الذي يقوده حزب الأحرار، فالمهلة الزمنية الباقية يجب على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العبور منها بالسرعة القصوى حتى لا يجد نفسه أمام مناورات جديدة من هنا وهناك قد تجعله يخرج صفر اليدين، وهذا ما لا يرغب فيه رغم تهديده بالاستقالة ورد المفاتيح إلى جلالة الملك، وهذا ما لا يمكنه أن يقدم عليه إطلاقا، والأصلح لابن كيران الضغط على صقوره في التزام الصمت وعدم ممارسة الضغط على الأحزاب الأقرب إلى التحالف مع “البيجيدي” الذي يجب أن يكون له برنامج للتحاور حوله مع هذه الأحزاب، وإلا سيجد نفسه عاجزا على النجاح في مشاوراته لتشكيل الحكومة.

من حق الأحزاب التي تحاور الرئيس المكلف أن تتعرف على من سيشاركها في التحالف، وأن تعبر عن مواقفها منها على غرار منهجية المشاورات التي تجري لهذا الغرض في جميع الدول الديمقراطية، لكن هذه المشاورات لايجب أن تطول أو توظف لعرقلة منهجية الحوار بين الأطراف المعنية، وفي نفس المضمار من حق ابن كيران أن يتحكم في موضوعات الحوار مع الأحزاب، وأن لا يتسرع في اختيار من سيكون حليفا له في الحكومة المقبلة.

بكل تأكيد، ستكون المشاورات وفق هذه الرؤى المتناقضة للمشاركين فيها، لكن دون تجاوز الواقع الحقيقي لنتائج هذه الأحزاب في الانتخاب البرلماني، فمن دون شك الطرفين الأساسيين والمتناقضين يمثلهما حزب العدالة والتنمية وغريمه حزب الأصالة والمعاصرة، أما الآخرون فحجمهم جميعهم لا يقنع أصحابها بالإضافة إلى ما عبر عنه المشاركون في ندوة حزب الاستقلال، كاليازغي الذي طالب رئيس الحكومة بضرورة تفعيل الملكية البرلمانية منعا لتدخلها في تشكيل الحكومة واحترام اختصاصات رئيس الحكومة .. وما ذهب إليه سعد الدين العثماني بضرورة وجود أحزاب مستقلة في قراراتها .. وما ذهب إليه اسماعيل العلوي نحو ضرورة تعميق اختيارنا الديمقراطي بالدفاع عن المكاسب التي تم تحقيقها منذ التصويت على دستور 2011.

إن الحديث عن وجود “بلوكاج” أو انقلاب يشكل مجرد مزايدات رخيصة من الجوقة التي يعتمد عليها ابن كيران في حزبه التي تصور له أن الجميع يبحث عن منافذ للتقليص من الشرعية الانتخابية التي حصل عليها فقط، ومن أنه لا يجب أن يقدم المزيد من التنازلات للأحزاب التي يحاورها للدفع والإسراع بعملية تشكيل الحكومة في حدود 30 حقيبة .. ولنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وجهة نظر اتجاه هذه الأزمة المفتوحة التي يراد من خلالها اتهام أطراف افتراضية وهمية، والدعاية إلى أن رئيس الحكومة يتعرض لعملية ابتزاز وفرملة مرة أخرى من تماسيح وثعابين ودوائر التحكم بأقنعة حزبية في أفق شرعنة الحكومة التي يريد أن تكون حسب المقاص والمزاج والقدرة التي يمتلكها في المشهد السياسي الراهن، كما أن من يلوحون بالخصوم الوهميين من الدولة وخارجها إنما هم الذين يضعون العراقيل أمام تشكيل الحكومة التي نطالب أن لا تصل إلى 30 حقيبة، ولا تفوق 20، مهما كانت التحديات والضغوط، ناهيك عن ضرورة إفصاح ابن كيران عن البرنامج الحكومي ولو في أهدافه الكبرى، انطلاقا من أغلبيته العددية التي تسمح له طرح البرنامج ومشاركة باقي المتحالفين في إغنائه وبلورة برامجهم الحزبية في مضمونه الشمولي والقطاعي.

%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%83-%d9%85%d8%b9%d9%86%d8%a7

في انتظار تحقيق ذلك، نهمس في أذن رئيس الحكومة أن الشعب المغربي الذي وضع ثقته في حزبكم مرة أخرى ينتظر بفارغ الصبر الإعلان عن حكومتكم المحكومة بالزمن التشريعي، الذي لن يتعدى خمس سنوات، والاستجابة لانتظاراتهم التي تفاقمت وفي جميع المجالات ولا تحتمل التأجيل، كما عبر عن ذلك جلالة الملك في خطابه بمناسبة الاحتفال بالذكرى 41 للمسيرة الخضراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق