كلمة النقابة

المغاربة رغم خلافاتهم وصراعاتهم ومشاكلهم مخلصون لوطنهم ..!

كشفت أحداث شمال المغرب، رغم محاولات من يغذون الفتنة، على أن المغاربة أكبر في أوقات الشدة من أن ينساقوا وراء المؤامرات التي يقودها شباب لم يجد من الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والمؤسسات المنتخبة من يؤطر احتجاجاته المطلبية المشروعة ويوظفها فيما يقوي روح الانتماء الوطني، ومعالجة المشاكل تحت خيمة الوطن مع السلطات في المنطقة، ومع السلطات المركزية، بعيدا عن الأصوات الانفصالية (من خارج الوطن) التي تحاول الصيد في الماء العكر، وتحويل الاحتجاج المشروع إلى حركة عصيان تخدم أعداء الوطن.

كيفما كانت مبررات الرفض من قبل هؤلاء المحتجين، فإن الأمور يجب أن لا تنته إلى ما ينقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف عن غياب “تمغربيت” التي تمكن بها المغاربة من دحر الاستعمار، وبناء دولة الاستقلال التي تحاول استكمال استقلالها قي الشمال والجنوب، وإرساء دولة الحق والقانون والمؤسسات .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الجميع اليوم استوعب الماضي التحرري الذي يجب أن يتوج بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية في كل أنحاء الوطن، ومن لا تحركه هذه الأهداف المشكلة للعيش المغربي المشترك لا يمكنه أن ينجح في تعبئة المغاربة ضد وطنهم .. وأن أي منطقة من تراب المغرب ملك لجميع المغاربة الذين أفشلوا عبر تاريخهم أقوى المخططات الاستعمارية التي كانت تريد تقسيم المغاربة.

نعم للاحتجاج والتظاهر تحت خيمة الوطن والعلم المقدس المجسد للهوية الوطنية، وليس هناك من حرج على الذين يحتجون وفق مضامين قوانين الوطن والمواثيق الدولية التي وافق عليها المغرب .. لكن، لاوجود لمن يتضامن مع من يروجون للانفصال ورفض العيش المغربي المشترك، والعبرة للإخوة المحتجين في الشمال بكل ما مر في تاريخنا الحديث الذي لا نريد أن يتكرر في ظل العهد الجديد .. عهد جلالة الملك محمد السادس، الذي فهم نبض المغاربة ويعمل للانتقال بالوطن إلى مصاف الدول الصاعدة التي اعترف الأعداء قبل الأصدقاء بقدرتها على التحدي ومواجهة كافة الإكراهات.

هل إذن هناك من عقلاء مغاربة وسط هؤلاء الذين لا يزالون مصرين على ترجمة ما يتطلع إليه خصوم الوطن ..؟ وهل ستتحرك الحكومة في أقرب الآجال لاستيعاب الموقف ومعالجة المشاكل المطروحة مع المواطنين في الشمال وفق سياسة القرب التي يدبرها جلالة الملك ..؟ وهل ستظل الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني على هذا الصمت اتجاه هذه الأحداث في الشمال الوطني ..؟ وليكن الجميع مقتنع بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه من أجل المساهمة في احتواء الأزمة، وفي إيجاد الحلول المناسبة لها، ولا خيارات بديلة أمام من يتخلف عن تحمل مسؤوليته الوطنية اتجاه الأحداث التي يحاول خصوم المغرب الركوب عليها، ولا حاجة إلى التذكير بأنه من أجل سلامة الوطن واستقلاله واستقراره لا أحد من الأطراف التي أشرنا إليها يمكن أن يعفي نفسه من القيام بما يجب عليه لإعادة الاستقرار إلى المنطقة التي لم تعد تتحمل تأجيل الأوراش المفتوحة فيها، ولا تجاهل المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي يطرحها المحتجون اليوم.

على الحكومة المنتخبة التي تمارس مسؤوليتها من خلال الثقة الممنوحة لها من البرلمان المغربي، أن تضع في اعتبارها وأمامها الأولويات التي يطرحها المواطنون عبر كل جهات الوطن، وأن تفعل وتترجم البرامج والمشاريع التي تجيب عن انتظاراتهم التي لم يتمكنوا منها على امتداد الحكومات المتعاقبة، وأن تستوعب (الحكومة) مفهوم ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه دستور المملكة، ومن أن المغاربة في الفترة المعاصرة لم يعودوا يقبلون باستمرار سوء الأوضاع إلى ما لا نهاية، وأن الحكومة معنية بأداء مهامها بكل ما تملكه من حماس و وعي لتكريس التغيير المنشود على الأرض، والقطع من أنماط التواصل القديمة التي لم يكن في ظلها الوفاء بأي التزام لصالح الوطن والمواطنين، خاصة المتضررون من استمرار الأزمة في جميع المجالات.

إن المغاربة دائما مخلصون لوطنهم رغم خلافاتهم وصراعاتهم، ومن نسي ذلك، عليه أن يرجع إلى الذاكرة المشتركة المغربية التي دونت فيها ملاحم هذه الروح الوطنية العالية التي تمسك بها المغاربة عبر تاريخهم السياسي والحضاري في هذا الجزء الشمالي الغربي من إفريقيا، والتي لا زالت صفحاتها مفتوحة على المزيد عبر الجهات الأربعة للوطن، وهذا ما يجب أن ينتبه إليه من يحملون ويروجون للنزعة الانفصالية اتجاه قضايا عادلة جهوية يمكن تداركها عبر الحوار الوطني من دون شروط مسبقة بين ممثلي المحتجين والدولة على جميع المستويات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق