أخبارمنبر حر

~~ الجزء الأول ~~

AZZOUZI 1

ذ. عبد اللـه عزوزي

مواصلة الدراسات العليا، لمن لم يتسنى لهم ذلك بعد، هي حلم كل إنسان، سواء كان شريفا أو لم يكن .. و هي حلمي أنا كذلك .. غادرت الجامعة نهاية يونيو من سنة 1996 بإجازة في اللغة الانجليزية و آدابها، بميزتين (2/4)، كانت الفرص حينها قليلة جدا، أما ما وجد منها فهو راتب و كلاسيكي .. كانت المعلومة تتأرجح بين الضآلة و التحكم .. كان غياب التوجيه و الاهتمام بثروة البلد الصاعدة .. جميع القرارات التي اتخذناها كطلبة كانت قرارات نتيجة الصدفة، بل ربما المباغتة و المفاجأة.

قبل تاريخ التخرج بسنتين، كنت قد تقدمت – ودائما ضمن نفس شروط الصدفة – لمباراة مدرسة الملك فهد العليا للترجمة في يوليوز 1994 .. وجدت نفسي ضمن القائمة 22 طالبا الذين نجحوا .. سحبت شهادة الباكالوريا من كلية فاس سايس و التحقت بمغارة هرقل لدراسة الترجمة و في جيبي 150 درهما حصلتها من بيع بعض الكتب التي كنت قد اقتنيتها استعدادا للسنة الثالثة من الجامعة ..!

كطلبة لتلك المدرسة المتواجدة بحي الشرف، كان علينا الإقامة بالمركز التربوي الذي يتواجد في جهة أخرى من المدينة .. وصلت لإدارة الحي لأباشر إجراءات التسجيل، لكنني تفاجأت بأنه كنت مطالبا بدفع حوالي 650 درهما، مقابل السكن و التغذية .. من شدة الصدمة حينها لم أتذكر جيدا هل ذلك المبلغ كان شهريا أم فصليا، هذا في الوقت الذي كان يفترض فيه أن توفر المدرسة السكن لطلابها، خاصة و أنها مدرسة مرموقة، نخبوية و ممولة من الملك السعودي.

أمام هذه العقبة المادية فكرت في الرجوع إلى الجامعة (كلية فاس سايس) ما دامت إمكانية التقدم لمباراة مدرسة الترجمة مفتوحة أمام حاملي الإجازة و ليس فقط أمام حاملي دبلوم الدراسات الجامعية العامة، ( DEUG).

عدت لكلية فاس في أكتوبر 1994 بعد شهر من المعاناة، لأن نية إدارة الكلية في تلقيني درسا كانت واضحة .. بعد ثلاثة أشهر عن تاريخ الحصول على الإجازة، وجدت نفسي و أنا ابن 24 ربيعا تقريبا — و دائما هكذا — أستاذا طالبا بالمدرسة العليا للأساتذة بعد عملية انتقاء أولي متبوعة بامتحانين، كتابي و شفوي.

التحقنا، بعد عام تكويني رائع، بميدان العمل – ميدان المشاركة في رسالة سامية يستحق أطرها أن يغادروها بعد انتداب خمسة سنوات و بتقاعد مريح كما هو الحال عند البرلمانيين، لأن الجاهل فقط هو الذي يستطيع القول أن دور البرلماني أفضل من دور الأستاذ المعلم– و غصة العلم لم تهدأ بعد بالأساتذة الشباب، و رافقتني أنا بدوري أينما ذهبت و ارتحلت.

من 1997 إلى يوليوز 2011، اشتغلت في مدن صغيرة تبعد عن المدن الجامعية بمئات الكيلومترات، و كان أول طلب قدمته للتسجيل في سلك الماجستير بكلية سايس، تخصص الترجمة المتعددة الألسن، من مدينة طهر السوق (130 كلم شمال مدينة فاس)، حيث انتقلت للاشتغال فيها قادما من ثانوية ابن سينا بجرسيف في اطار عملية تبادل.

((يتبع)).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق