أخبارمنبر حر

القرية الفاضلة

AZZOUZI AZZOUZI

ذ.عبد اللـه عزوزي

نعم لقد أصبحت نبوءة أفلاطون حول المدينة الفاضلة أمرا واقعيا، ربما مَرَدُّ ذلك إلى تعلُّق الناس بالحضارة و عشقهم لحب الحياة: فهذه القرية إن لم تكن فاضلة بطريقة كاملة و مثالية، فهي على الأقل تقترب من ذلك، أو في طريقها لكي تصبح كذلك: إليكم الأسباب– كما يرويها التاريخ– و الكمال ليس لغير هذه المدن: في مدينة أفلاطون كانت كل بيوت الناس تقريبا من زجاج ..! الزجاج بالنسبة لهم ليس فقط زينة، و شفافية، بل هو تعبير راق و عال على الإحساس بالأمن .. لم تكن هناك الحاجة، مطلقا، لأبواب الحديد و شبابيك النوافذ الفولاذية .. أظن لو أن هذه الفلسفة تبنَّتْها قبائل ما، لَعَمَّت الفوضي و لَعجَّلَ الله بقيام يوم القيامة ..!

في شوارع هذه/ تلك القرية الأفلاطونية التي يتسوَّقُ معظم سكانها إلكترونيا، تظل و دائع الناس و طرودهم البريدية من كتب و أجهزة إلكترونية و مختلف الألبسة مطروحة أمام أبواب أصحابها لساعات، بل أحيانا لأيام، دون أن يصيبها أي مكروه أو أذىً، بل دُونَ حتى أن يُلقى لها أدنى بال ..! يتذكر حجاج هذه المدينة بأسف عميق كيف يُسَوّلُ الشيطان لأهله و جنوده أن يسرقوا حاويات الأزبال بقاذوراتها من أمام أبواب المنازل و منعرجات الأزقة المُظلمة و المُضاءة على حدّ سواء .. أكثر من هذا كيف يعمدون إلى شحذ سكاكينهم ليسطوا من خلالها على حاجيات و هواتف غيرهم ..؟ ! بنفس درجة الألم يتذكر الجميع كيف أن احتياطي الأمصار و الأوطان من كل أنواع الحديد يذهب سدى على ميزانية النوافذ الفولاذية و الأبواب الحديدية، وسط جدل يومي حول من سرق هذا و من اقتحم ذاك، بدل أن يستثمر ذلك الحديد في خلق تنمية حقيقية من خلال توظيفه في مشاريع مدرة للربح و خالقة للتنمية.

يُذكَر عن حجاج مدينة أفلاطون قول بعضهم أن معظم سكان مدينته بالكاد يسمعون، أو يعرفون، أشياءَ عن حياة الأنبياء و سير الرسل و أضرحة الصالحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق