
برشلونة – مريم مستور
لم يعد خبر اغتصاب الأطفال في المغرب استثناءً، بل صار ظاهرة تهدد المجتمع وتزعزع الثقة في المدرسة والأنشطة الصيفية، وحتى داخل الأسرة الممتدة .. بين الأرقام الرسمية والصمت الاجتماعي، تتكشف صورة قاتمة لواقع طفولة تواجه الخطر يوميًا، في ظل تساؤلات مشروعة:
* لماذا تتزايد هذه الجرائم ..؟
* وهل القوانين كافية لردع الجناة ..؟
بحسب تقرير النيابة العامة لسنة 2023، سُجلت 9.106 حالة عنف ضد الأطفال، منها أكثر من 3.200 حالة اعتداء جنسي، أي بمعدل 9 حالات يوميًا .. ورغم ذلك، يؤكد خبراء أن هذه الإحصائيات لا تعكس سوى الجزء الظاهر من الجبل الجليدي، نظرًا إلى الصمت الاجتماعي والخوف من الفضيحة، ما يجعل الكثير من الجرائم طي الكتمان
مقارنةً بدول عربية، تُظهر دراسة صادرة عن اليونيسف سنة 2022، أن نسب العنف الجنسي ضد الأطفال في المغرب أعلى من المعدلات المصرح بها في تونس والأردن، بسبب ضعف آليات التبليغ وقصور في حماية الضحايا
أحدث القضايا التي خلقت صدمة عميقة، جريمة اغتصاب جماعي راح ضحيتها طفل قاصر على يد 14 شخصًا، في مشهد وُصف بـ”الوحشي، حيث أوقفت السلطات مشرفين على رحلات صيفية بتهمة الاعتداء الجنسي على أطفال تحت أعين مؤسسات يفترض أن تحميهم .. هذه القضايا أعادت النقاش حول ضعف الرقابة وضرورة التدقيق في ملفات المؤطرين والمشرفين ”
يرى الباحث في علم الاجتماع، الحسين آيت باها، أن الظاهرة مرتبطة بعدة عوامل:
“الأمية والفقر، إضافة إلى ضعف التربية الجنسية داخل الأسرة والمدرسة، تجعل الأطفال عرضة للاستغلال، كما أن الخوف من الفضيحة يخلق مناخًا من الإفلات من العقاب”
أما النشطاء الحقوقيين بالمغرب فيؤكدون القوانين المغربية صارمة على الورق .. لكن، تطبيقها يواجه عراقيل، وهناك أحكام مخففة تثير غضب المجتمع، وهو ما يشجع الجناة على التمادي
القانون الجنائي المغربي يعاقب على اغتصاب قاصر بالسجن حتى 30 سنة إذا اقترن بظروف مشددة .. لكن، في الواقع، صدرت أحكام مخففة في قضايا أثارت جدلًا واسعًا، مثل قضية الطفلة التي حُكم على مغتصبيها بعشر سنوات فقط، ما فجّر احتجاجات تطالب بتطبيق الإعدام
جمعيات حماية الطفولة مثل أمان والمنتدى المغربي للطفولة دعت إلى:
تشديد العقوبات ضد مرتكبي جرائم الاغتصاب
إدماج التربية الجنسية في المناهج الدراسية
إطلاق سجل وطني لمرتكبي الجرائم الجنسية لمنع إعادة دمجهم في محيط الأطفال
توفير الدعم النفسي والقانوني للضحايا، وهو ما تفتقر إليه أغلب المدن المغربية
ردع قانوني حقيقي مع إنهاء سياسة التخفيف في الأحكام
حملات توعية شاملة تستهدف الأسر والمدارس
رقابة صارمة على الأنشطة التربوية والترفيهية
وتفعيل آليات التبليغ السرية وتشجيع الضحايا على كسر حاجز الصمت