ملفات و قضايا

أي دور للأغلبية والمعارضة في الدخول السياسي والاجتماعي الجديد ..؟ !

يبدو أن الموسم السياسي والاجتماعي الجديد، سيعرف تصعيدا غير مألوف، قد تتهدم على إيقاعه كل صخور الصبر والانتظار في العلاقات بين الحكومة والنقابات، وبين الحكومة والمعارضة في البرلمان، وربما يؤدي إلى ممارسات غير متوقعة في سلوك هذه الأطراف .. خصوصا، بعد عجزها على أيجاد أرضية الحوار الديمقراطي المسؤول، حول جميع القضايا العالقة، مما يعني، أن المعارضة الحزبية والنقابية، ستدخل إلى الموسم الجديد بمنظور لا يساير ما تراهن عليه الأغلبية الحكومية، اتجاه تلويح أقطاب المعارضة بالتصعيد والاحتجاج .. وبالتالي، أن الموسم الجديد سيكون مغايرا بامتياز، وسوف يكون ساخنا على جميع المستويات، وستكون فيه أيضا مفاجئات غير سارة، بالنسبة لرئيس الحكومة، الذي لايزال يربط استقرار المغرب بوجوده على رأس الحكومة.
إذن، التواصل بين أطراف الأغلبية والمعارضة، لا يتجه نحو تحقيق الانفراج في العلاقات، بقدر ما يؤشر على التصعيد النقابي والسياسي، الذي لا تريده الحكومة وأغلبيتها، في هذا الظرف التاريخي الدقيق، ولعل حواراتهم في برنامج “دليل المواطن” الذي جمع بعض أطراف الأغلبية والمعارضة خير مثال ملموس على ملامح الحوار القائم بين الأغلبية والمعارضة، حيث لا يزال الموقف بينهما يميل نحو التوجه التآمري والتخويني بينهما، وهذا ما لا ينتظره المواطنون من الفريقين، رغم وضوح النصوص المنظمة لأدائهما في الحوار، الذي يجب أن يترجم إدارة قواعد أحزابهما، والناخبين الذين أيدوا البرامج الانتخابية، التي كانت وراء نجاحهما في انتخاب 25 نونبر 2011 البرلماني، الذي يشكل سلاحا ل. بن كيران لإضعاف خصومه.
ما يحز في نفوس المغاربة، أن النخبة البرلمانية، التي جاءت بعد دستور 2011، لم توضح التحولات التي كان متوقعا أن تعرفها الأحزاب المشاركة في الانتخاب البرلماني، الذي كان الربيع العربي الديمقراطي أحد أسباب إجرائه، فلا أحزاب الأغلبية أو المعارضة قدمت الجواب المطلوب منها عن هذا الربيع العربي الديمقراطي، الذي قام على شعار مركزي محوري يقوم على محاربة الفساد والاستبداد، حيث لم تتمكن الأحزاب أن تقدم ما يسمح بالإقلاع الحكومي والبرلماني، الذي قام على أساس الاجتهادات، التي عرفتها القوانين الدستورية والانتخابية الجديدة، التي جسدت التغييرات المتجددة، التي كان يطالب بها الجميع، والتي وفرت من جهة أخرى الارتقاء بالوظائف الملقاة على عاتق هذه المؤسسات.
إن ما نسجله في النقابة لمستقلة للصحافيين المغاربة، على أداء المؤسسات في ظل التغييرات الجديدة، هو أن الأطراف المعنية بهذا الأداء في المؤسسات لم تكن في مستوى المستجدات، وفي مستوى انتظارات الشعب المغربي، حيث لوحظ بالملموس بين ضعف التواصل الإيجابي بين الأغلبية والمعارضة، إلى الدرجة التي أصبح الحوار بينهما بعيدا عن أبسط درجاته، ولعل هذا ما لاحظه عموم المواطنين، الذين تابعوا حلقة برنامج “دليل المواطن” في قناة ميدي 1 تي في، حيث تأكدوا من لغة خالف تعرف، التي عبرت عنها الأغلبية والمعارضة على حد سواء، في إقناع الآخر بصحة وعقلانية موقفه، حول القضايا التي أثيرت في هذه الحلقة، عن التنزيل الدستوري وعلاقة الحكومة بالمعارضة، وقضايا محاربة الفساد وصندوق المقاصة، ومشكل إفلاس صناديق التقاعد، مما يبرر ويؤكد صواب رأي المواطن العادي من ممثلي الأغلبية والمعارضة في مؤسساتنا، وأنهم لم يؤسسوا للتواصل الإيجابي المفضي إلى مساءلة ومناقشة جميع القضايا المطروحة على الوطن، وآخرها إجراءات وتدابير إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة، التي تبين في النقاش حولها أن الطرفين لا يملكان أي معرفة بما يجب أن تكون عليها، سواء العملية الانتخابية أو القوانين التي ستتحكم في أداء المؤسسات المنتخبة المقبلة.
وفي هذا الإطار، نستحضر ما عبر عنه محمد ضريف، رئيس حزب الديمقراطيين الجدد، من أننا يجب أن نرتقي بالممارسة السياسية من شرعنة الانتخاب، إلى شرعنة الإنجاز، من أجل أن يكون الحضور في المؤسسات من الحكومة حتى المجلس القروي، مرورا بالحكومة والبرلمان ومجالس الجهات والمدن والجماعات الحضرية ما يجسد القيمة المضافة، التي يجب إنجازها لصالح المواطنين الناخبين، الذين يستمدون من أصواتهم شرعية الوجود والحركة والموقف في هذه المجالس، فهل سنرى في أغلبيتنا ومعارضتنا هذا النموذج من الوجود الحقيقي المنتج للقيمة المضافة، أم أنهما عاجزان على هذا الحضور ..؟ وهل ستظل هذه الأغلبية والمعارضة في مجالسنا المنتخبة متمسكة بالنمط التقليدي للممارسة في النيابة وتمثيل القاعدة الناخبة، التي لم تضف شيئا جديدا حتى الآن ..؟.
ترى، هل تمتلك الأغلبية والمعارضة على حد سواء، ما يمكن أن يجعل الدخول السياسي والاجتماعي لسنة 2014/2015، معبرا عن قدرتهما على نفض الغبار، والشعور بالمسؤولية الملقاة عليهما في غرفتي البرلمان ..؟ وهل استوعبت أحزابهما دروس هذا الأداء الباهت لنوابهما، الذي يدعو للشفقة من فرط التخلف، الذي أصبح يتميز به وجودهما في البرلمان الحالي ..؟ وهل نواب هذه الأغلبية والمعارضة لا يشعرون بما أصبح عليه وعي المواطنين المغاربة اتجاه أدائهما، الذي لم تعد فيه مبررات الحضور إلى اجتماعات اللجن والجلسات العامة، التي أصبحت مجسدة لضعف وعجز نواب الشعب..؟ كما يلمس ذلك عموم المواطنين.
إن المثير في الحلقة المشار إليها أعلاه، أن طرفي المعادلة، لم يكونا قادرين على الإنصات إلى بعضهما، وإغناء مداخلاتهما بما يسمح للمواطنين بالاطمئنان على حاضر الأغلبية والمعارضة، التي تؤثث المؤسسات المنتخبة، وفي طليعتهما البرلمان بغرفتيه، ناهيك عن ضحالة المعرفة التي تتباهى بها الأغلبية والمعارضة، والتي لا يتوقع منها أي تحول أو تقدم في الأداء داخل المؤسسة البرلمانية، اللهم إلا ممارسة حوار الصم البكم، الذين يحسون فيه بترديد العبارات والشعارات والمواقف البراقة الفارغة، التي لا تجسد المطلوب منهما الأغلبية والمعارضة في مؤسساتنا المنتخبة، وأن تبرز هذه المعارضة والأغلبية ما يمكن ترجمته في أداء الحكومة التشريعي والتنفيذي، وما يمكن لباقي المؤسسات المعنية بالأداء البرلماني من الالتزام به في مجال تخصصها الإنتاجي أو الخدماتي أو التدبيري، بالإضافة إلى حسن تكوين الموارد البشرية، التي تؤطرها في هذه الأغلبية أو المعارضة، والحرص على إنتاج القيمة المضافة التي ينتظرها المغاربة من وظائفهما داخل المؤسسات المنتخبة، حتى تكون الثقة في المؤسسات، وما يمكن أن تنتجه لصالح الوطن والمواطنين، بعيدا عن هذا التواصل السلبي بينهما في الوقت الراهن.
والذي اتضح مؤخرا أكثر، في خرجة زعيم حزب التقدم والاشتراكية، في البرنامج الحواري “مباشرة معكم”، حينما قال: ( الحكومة ماشي ديال بن كيران ) وهذا ما يؤكد على حقيقة الخلاصة، التي توصلنا إليها في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حول أداء الأغلبية والمعارضة، وما يجب أن يكون عليه هذا الأداء في هذا الموسم السياسي والاجتماعي الجديد، وفي هذا الإطار، نهمس في أذن السيد نبيل بنعبد اللـه، أن حكومته مسؤولة على تدبير برنامجها الانتخابي، وستحاسب عليه وفق نصوص الدستور الجديد، وأن رئيس الحكومة معني بالمسؤولية والمحاسبة، تبعا للصلاحيات والاختصاصات الممنوحة له دستوريا، كما أن المعارضة هي الأخرى، لن تفلت من المحاسبة، لعجزها على العمل وفق ما خصها به دستور 2011، في هذا المجال، وسيحاسبها الناخبون عن حضورها الديكوري والنقدي السلبي في نهاية المطاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق