جماعات و جهات

الترحال الحزبي الانتخابي يصيغة حديدة .. !

PARELEMAN

توضح المؤشرات أن المشهد الحزبي الوطني على وشك عملية اختبار واجتهاد مافيوزي، يتمثل في الالتفاف على قانون نمتع الترحال الحزبي باللجوء إليه خارج المؤسسات وقبل العمليات الانتخابية كما تترجمه عمليات الانتقال الفردي والجماعي للمنتخبين، سواء في أحزاب الأغلبية أو المعارضة، مما يطرح إشكالا يستوجب المعالجة الفورية والحسم النهائي لحماية الأحزاب والنقابات من التشرذم وفقدان استقرار نسيجها التنظيمي.

إن البلقنة تقتضي وجود أسبابها وشروطها الموضوعية التي تجبر المرغمين عليها على إيجاد منظمات حزبية ونقابية جديدة، وهذا ما لا يوجد في عملية الترحال الحزبي والنقابي في نموذجنا المغربي الذي شفي منها على مستوى البرلمان بعد إقرار قانون منع الترحال داخله، لكن الباحثين عن ما يعزز مصالحهم ونفوذهم حتى على حساب أحزابهم ونقاباتهم وجدوا في الترحال قبل دخول المؤسسات المنفذ الملائم لتحقيق ذلك، وهذا ما يفرض علينا كنقابة مستقلة للصحافيين المغاربة، مساءلة الأطراف المعنية في ما يجب القيام به لاحتواء هذه الظاهرة، وحماية النسيج الحزبي والنقابي من التشرذم والتمزق المؤثر على أدائه وفعاليات قرارات أجهزته.

يطرح الترحال بصيغته الجديدة تحديا خطيرا على حاضر ومستقبل المشهد السياسي الوطني الذي يتطلب التفكير في واقع المنظمات الحزبية والنقابية والمدنية، وإيجاد الإجابات عن أسباب هذا الترحال، التي ستعلق استقرار أي تنظيم في معالجة مشاكله والإكراهات التي يواجهها بعيدا عن هذا التحدي المافيوزي الواضح الذي لا يكون اللجوء إليه من أجل إصلاح الوضع الداخلي للتنظيم الذي يهدده، بقدر ما سيكون عاملا مشجعا على البلقنة المرضية التي ستفتح الباب أمام الحرب الأهلية بين الأحزاب، بدل أن تشجع على الاندماج والتحالف بينها، كما أن التعددية ستتحول إلى البلقنة التي تضر بمصداقيتها حينما تكون هذه التعددية لا مفر منها وعلاجا فعالا للصراعات الداخلية، وحسما للتجاذبات والتقاطعات في الرؤيا والممارسة التنظيمية بين المناضلين.

إن توقيت هذا الترحال الجديد قبل الاستحقاق الانتخابي الجماعي والجهوي يطرح أكثر من علامة استفهام على الجهات التي تسخره وتموله وتدفع به في هذا الظرف الذي لم تعد فيه الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني قادرة على احتواء مشاكلها الداخلية، وتعبئة مناضليها في الاتجاه الصحيح الذي ينسجم مع قوانينها الأساسية والداخلية ومع برامجها التأطيرية والنضالية، ولا نعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن هذا الترحال الحزبي والنقابي والمدني الجديد يشكل ضرورة قصوى لحماية المشهد من الإفلاس والاحتضار من جهة، وفتح المجال أمام الطاقات التي لم تعد هذه المتطلبات قادرة على توفير انضباط المناضلين وصيانته من جهة أخرى، فأغلب الراحلين من أحزابهم ونقاباتهم الأصلية لا تحركهم الأسباب والمبررات الموضوعية التي لا مفر منها، بقدر ما تحركهم الدوافع الانتهازية والمصلحية الواضحة.

هذا هو الترحال الجديد الذي بدأ العمل به في مشهدنا الحزبي والنقابي، والذي لا شك أنه سيرهن مشهدنا الحزبي والنقابي والمدني لفترة أخرى، وسيسرع عملية التفريخ والتشرذم للواقع التنظيمي السائد الآن، عوض أن يكون هذا الترحال تبعا لعوامل يقتضيها العمل الحزبي والنقابي والمدني، وتتطلب من هؤلاء الراحلين الإقدام عليه قبل الاستحقاق الانتخابي المقبل.

ختاما، نهمس في آذان من يفكرون في الرحيل من أحزابهم ونقاباتهم أن الرحيل لن يمكنهم من الوصول إلى أهدافهم، وأن العبرة في النضال والمواجهة داخل منظماتهم الأصلية، وأن الهيئات التي سيرحلون إليها لن تمكنهم من الوصول إلى ما يريدون من هذا الرحيل إذا ما كانوا مناضلين حقيقيين، وأما إذا كانوا من تجار الأزمات ومن الانتهازيين الانتفاعيين الذين للأسف هذه هي أوصافهم الحقيقية التي تربطهم بالهيئات الحزبية والنقابية والمدنية التي تقبل انضمامهم إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق