جماعات و جهات

هل من استعداد حقيقي للأحزاب والنقابات للانتخابات الجماعية والجهوية ..؟

AAA3

من المفروض أن تشرع الأحزاب والنقابات في التواصل الجماهيري مع المواطنين للتعريف ببرامجها ومواقفها من الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية المقبلة، وأن يكون هذا التواصل فضاء للنقاش العمومي حول هذا الموضوع، يسمح للمواطنين بالاقتراب من أداء الأحزاب والنقابات خلال الفترة التي أشرفت على نهايتها، والوقوف على مدى ما حققته خلالها، وطبيعة الإكراهات التي واجهتها، سواء كانت في المعارضة أو الأغلبية، وهذا ما لم يتم حتى الآن، نتيجة واقع هذه الأحزاب والنقابات الذي لم يكن قادرا على ممارسة مهامه التأطيرية والتنظيرية والنضالية بما يحقق الحد الأدنى من الفعالية والإنتاجية المطلوبة منهم في المؤسسات الجماعية والجهوية، التي عرفت قوانينها تغييرات جديدة تسمح للمنتخبين والمنتخبات بالارتقاء بالعمل الجماعي والجهوي .. للأسف هذا ما لم تنخرط فيه الأحزاب والنقابات التي أصبحت نمطية وتقليدية في استعداداتها للعمليات الانتخابية، سواء الجماعية أو البرلمانية، حيث سمحت التراكمات التي عاشتها من اختزال القضية في فبركة البرامج الانتخابية خلال المدة القصيرة التي تسبق الإعلان على جداول العمليات الانتخابية، ويكون الحرص فيها على دغدغة مشاعر المواطنين بالبرامج الحالمة والمعسولة، التي لايتلاءم أغلبها مع الواقع الفعلي للمواطنين في الجماعات والجهات، ويمكن الوقوف على هذه الحقيقة من خلال مقاربة ما تقوم به الأحزاب والنقابات في المؤسسات الجماعية والجهوية، وما تقترحه في برامجها الانتخابية.

ولعل عموم المهتمين بالشأن المحلي والجهوي والوطني يدركون طبيعة هذا التناقض الذي لا يزال يميز برامج الأحزاب والنقابات، والواقع الموضوعي للجماعات الترابية التي يعملون فيها، سواء من موقع المعارضة أو الأغلبية، والأخطر في ذلك، أن من ينتمون إلى هذه الأحزاب والنقابات يجدون أنفسهم أمام واقع آخر، وأمام تحديات لا علاقة لها ببرامجهم الانتخابية التي أوصلتهم إلى هذه الجماعات الترابية.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعرف عن قرب ثقل المسؤولية الجماعية وحجم الفقر وغياب المعرفة والخبرة التي تتطلبها، نتيجة ضعف متابعة الأحزاب والنقابات على تأهيل مرشحيها للمجالس الجماعية والجهوية، وأن معظمهم يتحولون إلى يتامى في ممارسة مهامهم، ناهيك أن العلاقة بين الفاعلين الجماعيين وأحزابهم ونقاباتهم تنحصر في الخدمات التي يقوم بها هؤلاء لصالح هذه الهيئات الحزبية والنقابية، بالإضافة إلى الافتقار لمعرفة القوانين المؤطرة للعمل الجماعي، التي تدفع الكثيرين إلى ارتكاب الأخطاء التي قد تجرهم إلى المحاكم، وهذا ما يدعونا في النقابة إلى مطالبة الأحزاب والنقابات بالاهتمام الحقيقي بالجانب التأهيلي والتكويني، الذي يسمح للمستشارين الجماعيين والجهويين بإمكانية تجسيد الحضور المنتج والتنموي الذي يتطلبه العمل الجماعي والجهوي .. فهل ستتمكن الأحزاب والنقابات من القيام بذلك ..؟ سيما وأن عملية التأطير تدخل في مهامها التي تتلقى عنها الدعم من الدولة، ناهيك عن الدعم عن الأصوات التي تحصل عليها في العمليات الانتخابية، والتي تسمح للأحزاب والنقابات بإمكانية الاستجابة لمتطلبات وجودها في المؤسسات الجماعية والجهوية.

نستخلص أن الاستعداد المفروض على الأحزاب والنقابات القيام به لا يزال غير مطروح على أجندة أجهزة هذه الهيئات، وأن المستشارين معنيين بتأهيل أنفسهم للمهام التي سيقومون بها في هذه المؤسسات الجماعية .. وبالتالي، أنه لا مفر من وجود الاستعداد الذي تتطلبه المسؤولية في الشأن المحلي التي يتطلع المواطنون أن ترتقي إلى ما هو أفضل، وأن تتراجع عمليات إفساد المشهد الانتخابي من قبل المافيات التي تدخل إليها لتأمين مصالحها ونفوذها فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق