كلمة النقابة

عرب الألفية الثالثة والتيه نحو المجهول ..!

ربما لم يعد بإمكاننا كعرب إلا الاحتماء بموقف المتفرج على ما أصبح عليه واقعنا العربي في جميع المجالات، والذي لا يحتاج لتشخيص كوابيسه وإكراهاته وتناقضاته، إلا شعور جميع العرب على اختلاف توجهاتهم الأيديولوجية ومواقعهم الطبقية بضرورة التحرك لاحتواء نتائج هذا الخريف المبكر لما سمي بالربيع الديمقراطي، الذي لا يزال حيا في جل دول المنطقة من الجزائر حتى اليمن، والذي ترفع فيه الحركات الاجتماعية والدينية عدة شعارات تحررية وثورية ضد خصومها، ولا تريد إيقاف النزيف الذي تواجهه جميع الشعوب العربية في هذه الفترة المعاصرة.

إننا مندفعون نحو المجهول عبر هذا التيه الإرادي الذي يوجه مواقفنا وسلوكاتنا الفردية والجماعية، ولا أحد من القوى الناعمة خاصة يريد أن يتدخل لوقف هذا الاندفاع الجنوني الذي نعالج به خلافاتنا وصراعاتنا الطائفية والسياسية والعرقية والأيديولوجية، ونصر على تصريف تداعيات الأزمة بما يقتل فينا ما تبقى من مشاعر الأخوة والوحدة التي تجمعنا من الخليج إلى المحيط، حيث لا يتوقع من السياسيين حسن إدارة المواجهة وتقليص مساحة الصراع بيننا الذي أصبحنا فيه مسخرين لتنفيذ أجندة وبرامج خصومنا خارج المنطقة، بدل أن نسخر أنفسنا لمعالجة مخلفات وعوامل هذا التيه نحو المجهول الذي ننخرط فيه ضد القيم التي تجمعنا.

إنه تيه حقيقي نحو المجهول الذي لا نمتلك جميعا مفاتيح طلاسمه ومخاطره، وما نعيشه في مناطق التوتر في سوريا وليبيا واليمن والعراق والصومال والسودان يحرضنا على طرح السؤال المصيري نحو ما يجب أن نكون عليه اتجاه هذا المجهول الذي لا شك أنه لا يخدم أي حلم أو هدف أو مشروع يساعد على وقف المجازر الدموية والكفيرية والتخوينية، التي ارتفعت بها حدة الهجرة العربية، التي كشفت مدى وهم التزام أوربا يقيم حقوق الإنسان، ودعم الشعوب المهددة في حياتها كما تشرح ذلك طبيعة تعامل الدول العربية في أوربا مع المهاجرين في مناطق التوتر نحو أوربا.

ما نختم به هذه المقالة، هو دعوة العرب إلى التفكير جيدا في عمق الآثار الكارثية لهذا التيه نحو المجهول الذي فرضناه لاحتواء غياب الأمن والسلم والحوار بيننا في معالجة مشاكلنا، وسيكون من الصعب وقف هذا الاندفاع والتطلع إلى ما يسهل عملية تصريف الخلافات العربية بالطرق السلمية والاحتكام إلى القاعدة العريضة من أجل مواصلة الإصلاحات التي نقوم بها اتجاه هذا المجهول المفروض علينا في الظرف الراهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق