كلمة النقابة

ذكرى عيد الاستقلال انتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر

 

إن الإقدام على الشهادة في سبيل الوطن، هو جهاد مقدس لحماية الأرض والعرض، وأغلى وسام يحمله أي مواطن حر غيور على وطنه .. وقد جعل اللـه سبحانه وتعالى جزاء الشهادة في سبيل اللـه والدفاع عن الحق والوطن جنة عرضها كعرض السماوات والأرض .. كما أن الدفاع عن الوطن هو جهاد يتحمل مسؤوليته كل أبنائه نساء ورجالا، بقدر طاقة كل واحد منهم، وهو تجسيد عملي لتعاليم الإسلام في كل أطوار الحياة .. ولقد سجل التاريخ الفخر والمجد للذين بذلوا في مرضاة اللـه أنفسهم، وحولوا حبهم للوطن جهادا مقدسا بكل ما يملكون، تأكيدا لقيمة هذا الوطن ومحافظة على ترابه الطاهر .. لهذا، فإن الشعب المغربي المسلم آمن بهذه الحقيقة إيمانا باللـه وحبه لوطنه وملكه، فبذل كل جهده من أجل بناء القوة المادية والمعنوية والروحية التي يحرضنا عليها كتاب اللـه، وتحثنا عليها قيم الإسلام العظيمة لنكون أقوياء في مواجهة أعداء الإسلام من العملاء والخونة والاستعماريين، وعلى هذا الأساس، فقد سار أعضاء الحركة الوطنية الأفذاذ على الخطى الثابتة التي رسمها لهم رائدهم الهمام، جلالة الملك الراحل محمد الخامس طيب اللـه ثراه، وقد أبلو البلاء الحسن، وتفانوا في تضحياتهم في سبيل عزة ونصرة العرش العلوي المجيد والوطن الحبيب .. مسترشدين بكتاب اللـه .. مستلهمين من نضال الآباء والأجداد، الذين بذلوا في مواجهة جحافل الطغاة الفرنسيين الذين فرضوا علينا الحماية أرواحهم من أجل أن يبقى هذا الوطن حرا عزيزا عصيا على العدوان.

نقول كل هذا، ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى من أعز الذكريات على قلوب المواطنين المغاربة، التي تعد دروسا متجددة في معاني التضحية والفداء، وصورة مشرقة جسدها المجاهدون في سبيل اللـه، وتصدوا بكل ما في الكلمة من معنى، ووضعوا حدا ل. 43 عاما من نظام الوصاية، وحصلوا على استقلال المغرب ووحدته الترابية والسياسية الذي توجته عودة جلالة المغفور له الملك محمد الخامس إلى العرش العلوي المجيد، بعدما قضى رفقة عائلته الشريفة سنتين وشهرين واثني عشر يوما في المنفى، حيث كان مثالا للتضحية الكبرى، وصمد في وجه العدو حتى أرغمه على الاعتراف به يوم 06 نونبر 1955 كملك شرعي للمغرب، وهكذا تأتى لجلالته أن يعود إلى أرض الوطن بتاريخ 16 نونبر من نفس السنة منتصرا مظفرا، بحيث كانت تلك العودة بمثابة نقطة النهاية لعهد الحجر والتسلط، ونقطة البداية لعصر الحرية والاستقلال، ومواصلة العمل لوحدة التراب الوطني، وبناء دولة الحق والقانون، كما جاء ذلك على لسان فقيد العروبة والإسلام محمد الخامس قدس اللـه روحه لحظة نزوله من الطائرة التي عاد على متنها من المنفى، حين أعلن عن “انتهاء الجهاد الأصغر وبدء الجهاد الأكبر”.

وإن دلت اليوم هذه الذكرى على شيء، فإنما تدل على مدى حب الشعب المغربي لوطنه وملكه، وكذا التلاحم المتين الذي كان بين الملك المجاهد والشعب المكافح، وتجسد في نفس الوقت مناسبة للخلف للانكباب على التاريخ الذهبي، والاطلاع على النضال الذي قام به السلف الصالح لكسر شوكة العدو الذي كان يستغل ثروات المنطقة ومقدراتها، وقهره وإرغامه على الرحيل عن أرضنا .. وعليه، يجب على جيلنا الحالي أن يستخلص العبر من الصفحات الخالدة التي سجلها التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز، والاستعانة بها في مواصلة بناء المغرب الجديد، وهي أيضا مناسبة للترحم على كل شهداء الحرية والاستقلال الأبرار، الذين استرخصوا أرواحهم ووهبوها فداء لهذا البلد، والذين كان قولهم .. اللـه أكبر حي على الجهاد حي على الكفاح، وقاتلوا في سبيل اللـه دون انتظار أي مقابل، وحق فيهم قول اللـه تعالى : ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللـه عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ” صدق اللـه العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق