أخبارمنبر حر

في العنف اللامادي .. ! لا للعنف ضد النساء لا للعنف ضد المواطن

AZZOUZI AZZOUZI

ذ. عبد اللـه عزوزي

و إن وصفناه هنا بكونه غيرَ ماديّ، إلا أن هذا النوع من العنف هو الأعمق تأثيرا و الأكثر خطراً على الإنسان و الجماعة و المجتمع؛ و نسبة انتشاره أوسع و أكبر من نسبة العنف المادي المرتبط بالضرب و الجرح، و حتى القتل.

العنف اللامادي هو أكثر ما يميز بلدان العالم الثالث، و كثرة انتشاره جعلت الناس تتعايش معه لدرجة أصبح معها ذلك العنف غيرَ مرئيّ، بل نجده أحياناً يقفز إلى مستويات عليا تجعل الفصل بينه و بين المظاهر الثقافية و العادات و “أمر الواقع” أمراً صعباً للغاية.

العنف اللامادي هو أن تجد نفسك في دوار بدون ماء، فتمضي يومك تبحث عنه.. و في رحلة البحث عنه تصادفك مواقف شتى، أخرى، لا تقل ممارسة للعنف على وعيك و شخصيتك و معنوياتك، كأن تكون الطريق المؤدية لمنبع المياه بعيدةً أو غير مؤهلة أو صالحة للاستعمال، إما بسبب الغبار أو الوحل أو وعورة المسلك .. أو مخاطر قطاع الطرق الحيوانية و البشرية..

العنف اللامادي هو هذا الإحساس الدائم بالخوف و الشقاء و تعاسة الحظ التي ترافق الإنسان في بعض ثغور هذا العالم، هو ذلك القاطن بيننا الذي يعالجنا بأسلحة بيضاء و وردية كاتمة للصوت، نموت بسببها، و من حولنا في الضحك و القهقهة يرفلون.

العنف، هو أن تدخل سوقاً أسبوعيا و ينتابك إحساس بأنه نفس السوق الذي مشى فوقه أجدادك و آباؤك منذ حوالي قرن من الزمن، و لم يتغير فيه شيء: بقي بغباره و حدوده و طريقة البيع و الشراء فيه، دون أن يكون له علم بأنه عَبَرَ الأزمنة و القرون ..

العنف اللامادي، هو أن تلج إلى مقهى لتحتسيَ كأساً من القهوة، فتحيطك سحب دخان السجائر من كل صوب، و كأنها تراك حللت ضيفاً فوقَ العادة، أو كائنا غريباً، أو لاجئاً جديداً..

العنف اللامادي – تماماً كالثروة و الرأسمال اللامادي – أصبح جزءاً منا، يقتلنا نفسياً و ماديا كل يوم، لكننا نُصرُّ على أن لا نلتفت إليه أو نحييه أو نعترف به .. فهو معنا في مدارسنا و مؤسساتنا و مستشفياتنا .. عن يميننا و عن يسارنا، و من خلفنا و أمامنا، في ماضينا و في مستقبلنا .. وننتظر بفارغ الصبر أن تضع حربه علينا أوزارها .. لكن، يبدو أن الكثير من أنشطة الإنسان – خاصة الصيفية – جاءت لتنسينا العنف الذي نعيش فيه .. وأننا لسنا في حاجة على إبرام هُدْنَة معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق