أخبارالدين و الناس

الحقل الديني والتهافت على التنوير المأجور في شرح وتقييم السنة النبوية ..!

من متابعة مداخلات رموز القوى المجتمعية المهتمة بالحقل الديني لتبرير مواقفها وتصوراتها اتجاه النص القرآني والفقهي، يتبين أن الصراع بينها لا يتجه إلى المناقشة الموضوعية، وإغناء الحوار حول القضايا الخلافية التي أصبح فيها التطرف في الدفاع والتمسك بالمرجعيات أكثر من تقريب وجهات النظر وتحقيق التقدم المطلوب في المناقشة، سواء اتجاه شرعية النصوص الفقهية موضوع الخلاف أو الارتقاء بالحوار نحو إصلاح حقيقي لهذه النصوص، التي يخضع بعضها لقطعية الثبوت الشائع الآن أو إلى الظنية

نحن الجمهور المتابع لهذا الصراع بين المحافظين والعقلانيين الذين لم يتوفقوا في المعارك المفتوحة بينهما في عالمنا العربي والإسلامي، بل يساهمون اليوم في إغناء هذا التصادم عبر فضح وكشف أخطاء وتناقضات المضامين النصية التي يعتمدون عليها في محاولاتهم اليائسة لهزم الطرف المعارض، حيث أصبح التركيز على تعرية النصوص الفقهية التي يتضمنها الموروث الفقهي، سواء في النصوص ذات الطابع الظني الديني الإسلامي التي لا زالت تحمل عناصر ضعفها في الصياغة والتعبير عن الموقف المطلوب

المثال والشيوخ الذين يستهدفهم أصحاب القنوات كإبراهيم عيسى وخالد منتصر و وهبة ورشيد يطرح نفسه في توجه رشيد أيلال  في كشف أساطير مذهب البخاري الذي يصنفه كواحد من المذاهب التي يقوي نصوصها الضعف والتصور في مناقشة القضايا التي تطرحها السنة والقرآن، والتي لم ترق إلى إثبات شرعية صياغتها وإنجاز الأهداف منها، وقد وجد في السنة التي تؤرخ لسلوكات النبي محمد صلى اللـه عليه وسلم، ومجمل الأقوال المنسوبة إليه كمادة خام لتصفية الحساب مع صدقيتها عبر مناقشتها بما يتناقض معها في كتب الفقه الأخرى، دون أن يكمل عمله بإبراز بطلانها في الدعوة وإصدار الأحكام في نصوصها من خلال إخضاعها للمنهج المقارن في الموروث الديني الإسلامي، وما تقابله في الموروث في المسيحية واليهودية وفي السجلات التي تتعلق بالأبحاث المرتبطة بعلم الحديث والعلوم الدينية ذات الصلة

الأسئلة التي يطرحها الصراع بين التيارين المحافظ والعقلاني حول المسألة الفقهية، التي لا زالت الإجابات عنها محور المساهمات من خارج المختصين في ذلك من المسلمين، حيث يشتغل فيها الآن الباحثون في الأديان والمذاهب الجديدة، الذين يريدون تجديد الخطاب في الحقل الديني لتوظيف ذلك في مواجهة حركات التطرف والعنف الظلامي، التي لاتتخلف عن طرح تصوراتها للنصوص الفقهية المتناقضة مع مضمون النص القرآني، التي يجب اعتمادها والدفاع عنها ضد خصومها في العالم الإسلامي وخارجه، ومن دون شك أن عملية التفكيك وأدلجة المساهمات الفكرية التي خرجت الآن عن سياق عمليات التفسير والتقييم وأصبحت تتوجه إلى التشكيك والزندقة والسفسطة والهرطقة التي تشوه النصوص الفقهية بصفة عامة، عوض أن يكون التعامل معها في الأبعاد التي تتوخى إصلاح أعطابها وإبراز الجوانب القوية في مضامينها، التي يمكن أن تساعد على صقل وتطهير الخطاب الديني مما علق به من جوانب سلبية وتوجهات تتناقض وأهداف الإسلام في نصه القرآني

إن كل المتدخلين في المسألة الدينية اليوم .. خصوصا، الباحثين على جودة النصوص الفقهية التي يجب الاعتناء بها ليست في أسلحة المنظمات الإرهابية التي توظف الموروث الفقهي والقرآني في نصوصها المقدسة ضد خصومها في العالم الإسلامي، وقد أضحى الغلو والتمسك بالأفكار والمواقف الجاهزة مربط الفرس بالنسبة للمتدخلين في كل أشكال الحوار حول شرعية الموروث الفقهي، الذي تحول إلى ملك مشاع ومتاح لكل من يمتلك أدوات ومناهج الهدم والحفر والتشويه، بدل أدوات ومناهج البناء والإغناء للقيم الروحية التي يتوفر عليها الثبوت المنسوب للرسول (ص) قولا وفعلا، وهذا ما يجب الانتباه إليه من قبل الباحثين عن الحقائق المسكوت عنها في الموروث الفقهي من قبل الرواة الذين استخدموا من ولاة الأمر في فترات كتابة الحديث وتدوينه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق