الدين و الناس

حول انتهازية الخطاب الغربي اتجاه الإسلام السياسي ..!

 

استفهام

لمجرد اشتغال الإسلاميين على المرجعية الديمقراطية الحزبية الانتخابية انتقلوا موضوعيا من الهوية السياسية التي ظلوا لقرون يتحدثون عنها بأكثر من رؤيا إيديولوجية انتهازية، وإن انفضح أمرها وانكشفت الشعارات البراقة التي حاول نشطاء هذا الإسلام السياسي المروج لها في العالم العربي والإسلامي وحتى الغربي، فما هي إلا مجرد مقاربات وقوالب إيديولوجية تتبنى المرجعية الغربية وتحاول تقديمها كتعبير عن اجتهادات جديدة في إطار مرجعية الهوية التي فقدت كل عناصر وجودها.

إن هذا الخطاب الإسلامي الذي روجت له أحزاب الإسلام السياسي لا يريد إرساء قواعد وإستراتيجية الخطاب الغربي في الديمقراطية المؤسساتية وقيمها المدنية والعلمانية والليبرالية والحداثية، وإنما الخطاب الهوياتي الملتزم بالمرجعية الدينية في رؤياها المذهبية المحافظة التي تقبل بالقوالب والشعارات الغربية فقط من أجل الوصول إلى الحكم، وبعد ذلك يتمكن هذا الخطاب الإسلامي من فرض نظامه اللاديمقراطي والتيوقراطي المستبد الرافض لكل الحرية الغربية القائمة على التعددية الحزبية والنقابية والمدنية، وعلى المنهجية التداولية والمؤسساتية المدنية والحداثية التي تتعارض مع المصالح الطائفية والقبلية التي يقوم عليها المجتمع العربي والإسلامي.

لا يمكن للخطاب الغربي أن يروج لمرجعيته قصد تطبيقها وتكريسها، فهو في دعمه لنشطاء الإسلام السياسي يريد فقط تجنيدهم لاحتواء الهوية وتفجيرها وتشويهها وفرض هيمنته لتأمين مصالحه الجيواسترتيجية في المنطقة العربية والإسلامية فقط، ولا يسايره إيمانه بضرورة المشاركة العربية والإسلامية في الفضاء الديمقراطي والتحرري والحداثي، ويخطئ النشطاء حينما يتحدثون بالخطاب الديمقراطي الغربي الذي لايؤمنون به في معاركهم ضد خصومهم في العالم العربي والإسلامي، ولا يقبلون بتأطير العرب والمسلمين عليه حتى تظل لهم السيطرة السياسية عن طريق ما يسمونه بدولة الخلافة الإسلامية التي هي الإطار المؤسساتي المرغوب فيه في العالمين العربي والإسلامي فقط.

لن ننظر في مسألة الخلافة الإسلامية التي يروج لها نشطاء الخطاب الإسلامي، فهؤلاء واضحون في توجهاتهم المذهبية، ولا يجب التعاطي معهم في مسألة الخلافة الإسلامية التي يريدون إحياءها، حتى وإن كانوا يدركون استحالة فرضها في النظام السياسي العالمي الذي استنفذ أنماط الحكم الشمولي والإمبراطوري، وأصبح يتجه نحو النظام الديمقراطي الدولتي والمؤسساتي القابل للتطور والتعديل والتغيير الذي لاتدعمه الإرادة الإلهية، وإنما تقرره الأصوات الانتخابية في المعارك السياسية الديمقراطية التي يتم الاحتكام إليها حسب الدساتير التي تسود في هذه المجتمعات الديمقراطية.

من حقنا في المستقلة بريس، التأكيد على أن نشطاء الخطاب الإسلامي كانوا يريدون الدعم المادي والسياسي والعسكري من الغرب لفرض أنظمة الحكم الشمولية التيوقراطية، ولا حاجة لهم على الإطلاق لفرض الديمقراطية الغربية التي يوجهها قانون التداول على الحكم والصراع على البرامج في الانتخابات الدورية التي يقوم عليها النظام الغربي.

هذه المسلمات التي يعرفون أنها هي الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية السياسية والدولة المدنية الحديثة، ويصرون على تجاهلها في خطابهم مع مجتمعاتهم المؤمنة بهويتها الثقافية والدينية، والتي تعي جيدا أن لا علاقة للدين بالسياسة، وأن هؤلاء النشطاء في الخطاب الديني يبحثون فقط عن تجميل وتزيين مشروعهم التحكمي السلطوي الذي يريدون تحقيقه على أرضية الخطاب الديمقراطي الغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق