أخبارمجتمع

البصل المغربي: من مرارة الحنظل إلى حلاوة الموز و التفاح ..!

 

ABDELLAH AZZOUZI

عبد الله عزوزي

تحكي نكثة مغربية أنه ذات يوم رجع فلاح مغربي من السوق الأسبوعي إلى منزله بإحدى القرى، وكان الوقت و قت شح و غلاء، فلما وصل باب داره صاحَ : ” العافْية (يعني النار، و محيلا على ارتفاع الأسعار) اليوم .. العافْية…العافْية..”. فردت عليه زوجته : ” أين “، فأجابها فوراً، ” في مطيشة” .. !
الحكاية قد تتكرر اليوم على أبواب منازلِ – أو في عُقْر دار- الكثير من البسطاء المغاربة، لكن ليس بصيغة “أنا البندورة الحمرا، التي كانت تتكفل بإبقاء خدود المغاربة حمرا، و لكن بصيغة مذاق البصل المر.
ثمن البصل بالأسواق حاليا و صل تسعة دراهم ..! مُنتقِلاً ببلوغهِ هذه السومة من قسم الهواة إلى قسم المحترفين، أو مودعا نادي الخضر و مقتحما، ضداً على كافة المغاربة، نادي الفواكه، بما فيها الجافة.
وعلى ضوء هذه التطورات “السوقية” و المستجدات الاقتصادية، ما على علماء اللغة و الفكر الاجتماعي إلا أن يعودوا مُجدَّداً للتراث المغربي من أجل تنقيحه و تصحيحه، و إلا اختلطت المفاهيم و اجتاحت الناس موجة من سوء الفهم الوَخيمةِ العواقِب. فلم يعد من الصواب في شيء أن تقول : ” فلان باع، أو بدل صاحبو أو حزبه ببصلة حارة” في إشارة للترحال السياسي مثلا؛ أو كأن تعبر عن انخفاض شعبية أو قيمة شخص ما بقولك ” مبقاش يسوى بصلة حارة”. إذن رُدُّوا البال ..! البصل أصبح يَسْوَى يورو تقريبا (09.00 دراهم).
و لا يختلف العقلاء في كون عاملان أساسيان من عوامل التغذية ساهما في استتباب الأمن و استدامة الاستقرار بمنطقتنا، و هما الشاي، الذي كان يترك دائماً معنويات الشاربين مرتفعة، بل أكثر من هذا يرسم ابتسامات عريضة على عاقريه، الأمر الذي كان دوما يخفض من نسب و مستويات الصراع والتصادم بين المواطنين؛ أما العامل الثاني فهو البصل، إذ ظلت هذه المادة الملتحقة بنادي الفواكه مؤخرا ضحية للتبخيس الثقافي لسنين طويلة، ربما لرائحتها الكريهة قبل الطَّبِيخ، و التي سرعان ما تتحول إلى عسل بعده، وعاشت مجاهدة بالأسواق المغربية تسترخص نفسها من أجل المساكين و الفقراء، مقابل درهم واحد أو بإضافة نصف درهم آخر في أقصى الأحوال. فإذا كان الشاي مسؤولا عن ضبط درجة الانفعال عند المغاربة، فإن البصل تكفل ببناء ذكائهم و شحذ عبقرية هم و صيانة صحتهم من الأمراض الفتاكة لعقود، نظراً لفوائده الغذائية العجيبة و المُعجزة.
و أمام انقلاب فاكهة البصل على شعبها ومحبيها، ننتظر أن يطلع علينا في القريب العاجل و زير الفلاحة، عزيز أخنوش، ببيان يوضح فيه حيثيات هذا الانقلاب في المكيال و الأدوار.
وقبل أن أودعكم أستوصيكم بالبصل خيراً، وكل عام وطماطم المغاربة بألف بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق