أخبارملفات و قضايا

أي قيمة مضافة للشطحات المستفزة التي تترجمها هذه الزعامات الشعبوية ..؟

10 A

ترى هل ستتحرك الأحزاب والنقابات المهنية في مشهدنا الحزبي لتغيير نمط سلوكها في الانتخابات المقبلة، ومنها استحقاق 07 اكتوبر 2016، الذي ينتظر المغاربة أن يكون تجسيدا لنقلة نوعية في ممارسة الفاعلين الذين للأسف لا زالوا متمسكين بعقلية شيوخ القبائل التي تستعرض عضلاتها في المواسم فقط، كالذي تعكسه سلوكات القيادات الحزبية الشعبوية اليوم، سواء من الأغلبية أو المعارضة من خلال خرجاتها الإعلامية ومواقفها في التجمعات العمومية والحزبية والنقابية إلى اليوم.

أي قيمة مضافة إذن لهذه “التبوريضة” القبلية التي تترجمها هذه الزعامات الشعبوية في مشهدنا السياسي الوطني، الذي يجب أن يتطور فيه أداء الفاعلين على غرار ما أصبح عليه في الدول الديمقراطية، بدل نموذجنا الذي لم يعرف التحول في كل الطقوس والتدابير التي يمارس فيها على يد هذه الزعامات التي لم تدرك بعد أن استمرارها وإشعاعها الحزبي والانتخابي لا يجب أن يعتمد على الهيمنة على القواعد بوسائل غير ديمقراطية، وأنها تمارس كل السلوكات وتسخر الضغط المادي لتلميع وجودها في مؤتمرات أحزابها الوطنية، ولا تملك ثقة الأغلبية إلا عبر ما يطعن في شرعية استمرارها على رأس أحزابها ونقاباتها، ناهيك عن الفقر والجهل الذي تعاني منه وعدم تمييزها بين الحزب والمقاولة التي يتحكمون فيها برؤوس أموالهم ..؟

من شطحات هذه القيادات، الغوغائية والثرثرة في خرجاتها الإعلامية والحزبية، وإصرارها على إضفاء المصداقية على المواقع التي تحتلها في أحزابها ونقاباتها، ولنا في الرباعي المشهور الذي يحرص في الحوار فيما بينه اليوم على التمظهر بما لا يملكه من عناصر المعرفة والخبرة، باستثناء قرع طبول الحرب، ولغة الاتهام الرخيصة للخصوم، وادعاء القوة في الوقت الذي أصبح الرأي العام الوطني يصفهم بالظواهر الصوتية التي تصرف أمراضها وأحلامها وأحقادها فقط.

حتى لا نتهم من هذه القيادات الشعبوية بالإساءة إلى وضعها الاعتباري وإلى مواقعها في المسؤولية الحزبية والنقابية، سيلاحظ من يريد تعميق معرفته بهذه القيادات التي أصبحت مجرد أبواق دعائية تردد ما يملى عليها من مستشاريها المقربين، ومن الأجهزة الحزبية التي توجد تحت سلطتها .. ولعل ما يصدر عنها في الأغلبية يمكن الوقوف عند عجزه على الإقناع من خلال برنامج أحزاب الأغلبية الذي لم يحقق ما يشفع لها بالحق في الاستمرار في خطابها الشعبوي، أما الذين يوجدون في المعارضة فيكفي القول عنهم أنهم يقرعون طبول الحروب الفاشلة دون أن يتمكنوا من إقناع قواعدهم الحزبية وعموم المواطنين بأبسط المكاسب والبرامج الناجحة .. وبالتالي، فهؤلاء الشعوبيين في الأغلبية والمعارضة تخسر أحزابهم أكثر من ما تكسب بمواقفهم الشعبوية الضعيفة والهزلية.

إن ما يمكن ملامسته في هذا الخطاب الشعبوي لهذه القيادات، رهانها المتفائل على امتلاك القدرة على تحقيق الحصاد الانتخابي، ونؤمن في جريدة المستقلة بريس بالاستئناس بالمعرفة العلمية في مجال الطب النفسي وعلومه أن عناصر هذه الزعامات مصابة بجنون القوة الذي جعلهم يتوهمون النتائج الانتخابية لصالحهم، مع أن القاعدة الناخبة لا يتحكمون في تشكيل وعيها السياسي، وفي توجه أصواتها .. ولو يتفحصون نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة لتأكدوا من استحالة تطابق أحلامهم الوردية مع ما ستكون عليه أصوات الناخبين، الذين استوعبوا حقيقة حصيلة أداء هذه القيادات الشعبوية من الأغلبية أو المعارضة .. اللهم إن كانوا يراهنون على المافيات الانتخابية التي يجندونها لذلك، التي أصبحت تتحكم في اختيارات الناخبين في الأحياء التي تعاني من البؤس والإقصاء في الوسط الحضري، خصوصا الشرائح الأكثر قهرا المستعدة لبيع أصواتها مقابل ما يدفع لها من قبل هذه المافيات المأجورة.

إن هذا الحضور الشعبوي للقيادات الحزبية والنقابية المعروفة من عامة المواطنين بأسماء أكثر من مخلوق هزلي مثير للنكثة والسخرية، وقد فضلنا في المستقلة بريس، أن لا نستعرض أسماءها لأنها تعرف حقيقة الهالة والصورة الخرافية والهلامية التي تروج لها في مجتمعنا الذي استأنس بنماذج مماثلة على امتداد تاريخه الانتخابي، ويعرف الأجواق التي تهلل لهذه القيادات “الكارتونية” التي لا تصلح حتى للعب دور البطولة في أفلام الرسوم المتحركة، ومن أن المغاربة في طريقهم إلى استيعاب الدرس .. وإن أرادت هذه الزعامات أن تعرف برقصاتها المفضوحة فلتأخذ العبر ممن سبقوها، لأن الفن الاستعراضي يحتاج صاحبه إلى المؤهلات الأساسية لممارسته على خشبة العرض.

حتى ننه هذه المقاربة عن “تبوريضة” هذه الزعامات التي يجب أن ترحل بعد أن أصابها مفعول مرض انفصام في الشخصية – نسأل اللـه الشفاء لها من تداعياته مستقبلا – حيث أصبحت تتخيل الانكسار انتصار والنقمة نعمة .. وعليها كما أكد على ذلك عبد الجليل طليمات في مقاله المنشور بيومية “أخبار اليوم” تحت عنوان: {من أجل استعادة البوصلة} في معرض حديثه عن الواقع السياسي الوطني الحالي، الذي يتجه نحو ضياع الارتقاء بمرحلة الانتقال الديمقراطي الراهن، وحسن استثمار المنظومة التي جاء بها دستور 2011، وتكريس الممارسة الحزبية الديمقراطية والحداثية الحقيقية، بدل الاستمرار في هذا النموذج المتخلف الذي لا يساعد على ارتقاء مشهدنا السياسي، وتحقيق الأهداف التحررية والديمقراطية والتنموية التي يراهن عليها الجميع .. فهل ستعيد هذه الزعامات التي تكاد تفقد معرفتها بمشيها الأصلي من فرط هذه السلوكات المرضية التي تترجمها اليوم ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق