منبر حر

بين الزمن الحكومي و الزمن الكروي ..!

           ذ. عبد اللـه عزوزي

   ABDELLAH AZZOUZI

أثناء مباريات كرة القدم يكون الزمن من قيم الذهب و يترتب على تدبيره ثلاث نتائج على الأقل: فوز – هزيمة – وجزاءات.

كما أن الوقت/ الزمن في عالم التنافس و المباريات يكون مرتبطا بعامل الحكامة (حنكة و موضوعية الحَكم)

في عالم السياسة و التدبير الحكومي، لا يبدو الأمر مختلفاً : فهناك مدة زمنية لكل انتداب حكومي و مهمة وزارية لكل وزير، وهناك برنامج انتخابي و رؤية إصلاحية/ تنموية أجرأتها داخل سقف زمني مُحددٍ سلفاً.

وبالرجوع إلى الولاية الانتدابية لهذه الحكومة (( يناير 2012 – شتنبر 2016))، نتذكر جميعا الإرباك الغير الضروري ((أو لحاجة في نفس يعقوب قضاها)) الذي أحدثه انسحاب حزب الاستقلال من الإتلاف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة و التنمية في أعقاب الفوز الكاسح في انتخابات 25 نونبر 2011؛ المتتبعون للشأن الإعلامي الوطني يلمسون أن ذلك الانسحاب لم يحظ بالمناقشة والمساءلة اللتان يستحقهما، علما أنه ضيع أزيد من 13 شهرا من الزمن الحكومي.
تصور كيف كان سيكون دور الجمهور أمام ضياع مجرد 13 دقيقة من عمر مقابلة، التي هي في النهاية لعبة و متعة و روحاً رياضيةً، و لن تكون بأي حال من الأحوال أهم من مصير دولة تعداد سكانها يفوق 34 مليون مواطن(ة) محاطة بواقع عدائي (anti-Moroccan) مُضطرب و مائج

علينا أن نواصل رفع السؤال و مواصلة التقصي في أسباب خذلان حزب الاستقلال لشركائه في الإتلاف. هل استخف الاستقلاليون بالزمن الحكومي لهذه الدرجة ..؟ هل كان لهم فعلا خيطٌ يربط قلوبهم بقلب هذا الوطن ..؟

لماذا يتناسى المغاربة بسهوله المسيئين إليه ..؟ هل ذلك راجع لطبعهم السمح، أم لأن ذاكرتهم لا تقوى على تخزين المزيد من فيديوهات الانسحابات و الالتفافات و خيبات الأمل ..؟

ترى، كيف كان سيكون وضع المغرب لو أن الحكومة انشغلت حينها بالقضايا الكبرى و المصيرية، بدل إبادة ساعات ثمينة من وقت عبد الإله بنكيران في إعادة ترميم الإتلاف ..؟ ألا تتذكرون أن ما حصل كان سببا في إزالة حقيبة وزارة الخارجية و التعاون من يد خبير النفس، الدكتور سعد الدين العثماني ..؟ ألم يبرهن الرجل منذ الوهلة الأولى أنه خَيرُ رجلٍ يمكنه أن يمثل المغاربة بالخارج : حنكة ، علم، ثقافة، تربية، أخلاق و عزمٌ قوي على رفع راية المغرب طاهرة و خفاقة في كل المحافل الدولية ..؟ ألا يحاسب المغاربة من كان سبباً في أن يُوَلَّى على وزارتهم الخارجية اسما و رمزاً آخر قيل عن ظروف نجاحه بالبيضاء الشيء الكثير ..؟ وهل المغاربة قادرون على أن يُجيبوا على أسئلة يُفترضُ فيهم أن يطرحوها من تلقاء أنفسهم، “ماذا ربحنا ..؟ و ماذا خسرنا ..؟ و من كان السبب ..؟

خلاصة القول، إن الزمن سواء كان حكوميا أو تنافسيا لا يرضى على الذين يهدرونه و لا يَقبَلهم على جنباته، و إنه غالبا ما يُنْهي علاقتَه بهم على وقع السخرية و الهزائم، سواء الرياضية أو السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق