نافذة على الثقافة و الفن

أي دور للثقافة البيئية في الوعي لمخاطر التلوث على التوازن المناخي العالمي ..؟

cpm

 

مع تزايد الاهتمام العالمي بضرورة معالجة مخاطر الاحتباس الحراري على التوازن المناخي والبيئي المؤثر على الوجود البشري والطبيعي أصبحت الثقافة البيئية من أهم أدوات التحدي والمواجهة والآثار السلبية للأنشطة الاقتصادية والبشرية المضرة بالبيئة، هذه الثقافة التي دخلت إلى البرامج التعليمية بعد نجاحها في أنشطة جمعيات المجتمع المدني وأضحى الاشتغال الحكومي عليها من السياسات العمومية الرسمية التي تدخل في إطار السياسة الحكومية الحماية الوطنية في إطار هيئات أو وزارات مختلطة مع متدخلين حكوميين آخرين.

بكل تأكيد، الدول الغربية تمتلك المعرفة والخبرة والأرضية العلمية لوجود ثقافة مجتمعية بيئية راقية، كما يتجلى في السياسات المتبعة في التخلص من النفايات وتدويرها، والتخلص من نفايات الصناعات التحويلية والكيماوية والبترولية والغازية، سواء داخل مجتمعاتها أو عن طريق تصديرها للدول النامية التي تحولت بسببها إلى مطارح لهذه المواد، خاصة المرتبطة بالصناعات الكيماوية والنووية والتكنولوجية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبعض دول شرق وجنوب وغرب آسيا.

وما يهمنا في المستقلة بريس، هو تدخل حكومات الدول النامية التي لم تتحرر من التعبئة الاقتصادية، حيث أنها رغم مصادقتها على الاتفاقيات الدولية في المجال البيئي وإقرارها لبرامج تربوية وبيئية في هذا المجال لا زالت متأخرة في التخلص من نفاياتها، فبالأحرى النفايات المصدرة إليها الدول الصناعية الغربية.

حينما نتحدث عن النفايات الذاتية للدول النامية، فنحن نتحدث عن النفايات المنزلية الصلبة والسائلة والنفايات الطبيعية والصناعية التي لا زالت مصدر التلوث للبيئة الطبيعية في هذه الدول عبر آثارها على المياه الجوفية والسطحية، وعلى الطقس اليومي في المناطق التي توجد فيها مطارحها، خاصة حول التجمعات السكانية الكبرى التي لا زالت سياستها في التخلص من النفايات تعتمد على الطريقة التقليدية المتمثلة في طمر النفايات وردمها في المناطق المجاورة لهذه التجمعات في المدن الكبرى والمتوسطة .. كذلك، لا زالت هذه الدول لم تتمكن من إعادة تدوير مياه الصرف الصحي والارتقاء باستعمالها بعد تكريرها، سواء للزراعة أو الاستعمال الصناعي أو لصناعة الأسمدة المخصصة للزراعة وتسميد المساحات الخضراء في المدن، ناهيك عن عدم امتلاك تكنولوجيا استخدام هذه النفايات في إنتاج الطاقة.

إن السياسة البيئية لا يمكن أن تتقدم في أي مجتمع بدون المواكبة والمواجهة المستمرة لمستجدات الكوارث والمخاطر الناتجة عن الأنشطة الصناعية والبشرية وتعبئة السكان بما يساعدهم على المشاركة الفعالة في برامج حماية البيئة، سواء التي تنظمها الحكومات أو الجماعات أو الجمعيات، وتحفيز هذه المشاركة بالدعم المادي والمعنوي لكل الجهود المبذولة في هذا المجال البيئي .. ونظن في المستقلة بريس، أن شعوبنا النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية في حاجة ماسة ليس للمؤتمرات واللقاءات فقط، بل إلى ما يعزز هذه المشاركة بالبرامج الفعالة الكفيلة بتحقيق النتائج الملموسة، سواء في التعامل مع مختلف النفايات أو في المجهود العالمي لحماية المناخ والتوازن البيئي الطبيعي في كوكب الأرض المعرض للكوارث إذا ظل المجهود المبذول للتقليل من الاحتباس الحراري في هذا المستوى الراهن، وتمويل الدول الغنية لهذه البرامج ومتابعتها في هذه الدول النامية.

لن نقول إن إرادة المجتمع الدولي التي تجري التعبئة لها عبر مؤتمرات المناخ لن تؤدي إلى النتائج المطلوبة، أو أن المستقبل لهذه الجهود لن تمنع العالم من مواجهة نتائج هذا الاحتباس الحراري المؤثر على التوازن المناخي والبيئي في كوكبنا، فالتعبير عن هذه الإرادة ووجود الحماس العالمي لإنجاح جميع الخطوات ذات الصلة يشكل خطوة جبارة وناجحة تقتضي الوضعية الحالية حتى استثمارها ليس في المجال المناخي فقط، بل في باقي المجالات التي يمكن أن تساعد على رفاهية وأمن جميع الشعوب في عالمنا، وخاصة من قبل الدول الصناعية التي تتحمل حصة الأسد في المسؤولية عن زيادة النفايات البشرية والصناعية المؤثرة على التوازن المناخي والبيئي في كوكبنا داخل المجموعة الشمسية التي ننتمي إليها جميعا.

لن نكون متشائمين في المستقلة بريس، أو ضد ما يبذل من مجهود على جميع المستويات، ونؤمن رغم كل التحديات بانتصار الإرادة الخيرة على قوى الشر التي لا تريد أن يسود السلم والأمن والتعاون بين الشعوب المشكلة للمجتمع الإنساني الذي يعيش في هذا الكوكب الشمسي، وعلينا جميعا أفرادا ومؤسسات ودولا ومنظمات عالمية المسؤولية المباشرة في ضرورة المساهمة في التعبئة والتنوير بكل الوسائل المتاحة لخدمة الأهداف التي دعت إليها مؤتمرات المناخ العالمية السابقة، أو التي سيسفر عنها مؤتمر المناخ  COP 22 في مراكش، وأن نضع جانبا كل خلافاتنا وأزماتنا بعد أن وصل الواقع إلى تهديد وجودنا جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق