أخبارنافذة على الثقافة و الفن

لا يا عزيمان .. الإصلاح التعليمي لا يبدأ من إلغاء مجانيته ..!

100115

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نشكك في النوايا التي يحاول المجلس الأعلى للتعليم التعبير عنها اتجاه الأزمة البنيوية لنظامنا التعليمي، وتكفي الرؤيا الإستراتيجية المستقبلية التي أنجزها للتأكيد على مدى روح المواظبة والاشتغال بما يجب أن يكون عليه هذا النظام التعليمي كقاطرة للتنمية والتحرر والتطور، لكن الشروع في تنفيذها عبر إلغاء المجانية لولوج أسلاكه تضطرنا إلى طرح السؤال عن دور ومستقبل الإستراتيجية المستقبلية التي يطرحها المجلس للنهوض بهذا القطاع الذي يجب أن يظل في يد الدولة لأهميته السيادية والإستراتيجية في التنمية والديمقراطبة والحرية.

لن نتسرع في الحكم على ما تسرب إلى الرأي العام الوطني حول هذا الموضوع، وإلى حين اتضاح الصورة وخروج قرار المجلس، يحق لنا أن نتساءل عن مُوقع إلغاء المجانية في الخطة الإستراتيجية المستقبلية التي يسهر عليها المجلس ..؟ وهل مشروع الإصلاح التعليمي المنشود لا مفر من إلغاء المجانية لإنجازه في هذه الإستراتيجية المستقبلية ..؟ وهل الأولوية في الإصلاح يجب أن تكون في الرهان على تمويل هذا الإصلاح عبر إلغاء المجانية، سواء كانت جزئية أو شمولية ..؟ وهل صحيح أن قطاعات التعليم والصحة في طريق خوصصتها وتقليص الإنفاق عليها من ميزانية الدولة ..؟

حينما نطرح من موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وعبر جريتها المستقلة بريس، هذه التساؤلات، فهذا يعود لخطورة هذا الإجراء وتأثيره على ما تبقى من صمود ومقاومة للمواطنين الذين تبخرت قوتهم الشرائية، وتقلصت مداخلهم في ظل النهج الاقتصادي الذي حرصت الحكومات المتعاقبة على السير فيه ضمن ما سمي بالاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق الذي لا تتحكم فيه الدولة .. لذلك، سنحرص في مناقشة الموضوع الذي طرح على الجمعية العمومية وتحول فيها إلى نقاش حاد بين الأطراف المشاركة، وتكلفت لجنة من المجلس بإعداد رؤيا في الموضوع قصد الاستئناس بها في مناقشات المجلس مستقبلا قبل الحسم النهائي فيها، ويقول المقربون أن هناك استعداد من المجلس لاقتراح الرسوم على العائلات القادرة على الأداء، وإعفاء العائلات الفقيرة التي تعاني من الهشاشة والإقصاء.

%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%83-%d9%85%d8%b9%d9%86%d8%a7

السؤال المزعج الذي يطرح نفسه على هؤلاء الذين يفكرون ويتوعدون بفرض الرسوم في قطاع التعليم العمومي .. هل هؤلاء يملكون الوعي بالواقع المعيشي لأكثر من 60 %، من المغاربة الذين تجاوزوا عتبة الفقر، وأن 40 %، منهم لا يترفع دخلهم اليومي عن 10 دراهم إلا قليلا، وأن معظمهم يعيش على السلفات والقروض، وأن القوة الشرائية لمعظم المغاربة لم تعد تقدر على تأمين الحاجيات الاستهلاكية، فبالأحرى أن تدفع ثمن الخدمات التعليمية والصحية كما يطرحها هؤلاء انطلاقا من التوسع الذي أصبح عليه القطاع التعليمي الخاص في المدن، والذي يتجه بنموه السرطاني إلى كل الأسلاك التعليمية، بعد أن فتح المجال للتعليم العالي الخاص بالاستثمار في المغرب مؤخرا في جميع التخصصات، مما سيجعل الخريجين في المستقبل القريب من التعليم الجامعي العمومي عرضة للبطالة التي يعانون من ارتفاع نسبتها حاليا، في الوقت الذي لا يتم فيه الاستثمار الاقتصادي بنفس الوتيرة التي تراعي المتخرجين في كل سنة، وحينها سيكون المعروض من مناصب الشغل من نصيب خريجي الجامعات الخاصة فقط.

مهما كانت مبررات مجرد التفكير في إلغاء المجانية، أو تقليصها أو تشجيع الخوصصة في هذا القطاع ستكون هناك عواقب لا أحد يتصور حجمها على الاستقرار الاجتماعي وعلى كل ما استثمره الوطن منذ الاستقلال حتى يظل قادرا على ضمان المجانية لأبنائه في الخدمات الصحية والتعليمية .. فهل سيستحضر المجلس الأعلى هذه الجوانب في مسعاه إلى التفكير في إلغاء المجانية في هذا القطاع الاستراتيجي الذي يقوم عليه وجود التعليم العمومي في كل أسلاكه حتى الآن ..؟

وفي هذا الإطار، يحق لنا أن نحاور المجلس الأعلى حول هذا المبدأ الذي يراد اليوم التخلي عنه لتوسيع مساهمة القطاع الخاص وتشجيع سياسة الخوصصة في المستقبل في أفق تقليص ميزانية التعليم وإلغاء المجانية في نهاية المطاف، وإن كان هذا هو التوجه الذي يريد المجلس الأعلى تفعيله في إطار تطبيق الإستراتيجية المستقبلية لإصلاح نظامنا التعليمي، فإن هذا يدعونا إلى مساءلة المجلس عن تكاليف هذه الإستراتيجية ..؟ ومن أين سيتم توفيرها ..؟ وهل بالفعل أن ما يقال عن إلغاء المجانية في خدمات الصحة والتعليم له علاقة بهذا الحديث المبكر عن رسوم التعليم التي ستفرض مع بداية الموسم المقبل ..؟

ولأجل ذلك، نقول للمجلس الأعلى ولرئيسه عزيمان، إن الإقدام على مجرد التفكير في فرض الرسوم على المواطنين يشكل خطوة غير مدروسة فيما يتعلق بنتائجها الكارثية على عموم كادحي الوطن الذين اتسعت قاعدة الهرم السكاني بهم في الظرف الراهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق