أخبارمنبر حر

وعود الرئيس بين الحقيقة و التدليس

boutafliqa

*فيصل زقاد

عندما قرر بوتفليقة الترشح لخوض غمار الانتخابات الرئاسية سنة 1999، تحدى الشعب الجزائري، مخاطبا إياه، أنه إذا رفض تزكيته (الشعب) لمنصب رئيس الجمهورية، سيتركه يعيش في رداءته التي ألفها و ألفته طوال السنين الماضية.

دشن “بوتفليقة” حملته الانتخابية، بإطلاقه لثلاثة وعود فضفاضة، مازال” الشياتون” و “المتزلفون” يتشدقون بها في كل فرصة أتيحت لهم.

أول هذه الوعود هو إخماد نار الفتنة والقضاء على الإرهاب و تجفيف منابعه، و المضي قدما نحو تطبيق قانون السلم والمصالحة، غير أنه و بعد أكثر من 16 سنة من توليه سدة الحكم، اكتشفنا أن الإرهاب تطور و أخذ منحى آخر، فغير القبعة و الأشخاص فقط، ليلبسها إرهابيو المال الفاسد و لصوص النظام الذين أفرغوا خزينة الدولة وأصبحوا يتحكمون في رقابنا مثلنا مثل الأموات، يوجهوننا في أي اتجاه أرادوه، أما الفتنة فقد بلغت مداها في عهده و ما أحداث غرداية الجريحة ببعيدة .

ثاني وعود الرئيس، تمثلت في إنعاش الاقتصاد الوطني و الارتقاء به إلى مصاف الدول التي نهضت من ركودها، مثل تركيا و ماليزيا، و هنا لا يتطلب الأمر الاعتماد على الخبراء الاقتصاديين و المحللين لندرك الحالة المزرية التي آل إليها الاقتصاد الجزائري، فقد اعتمد الرئيس خلال عهداته الأربع على
مداخيل المحروقات بنسبة 97 بالمائة ليصل بعد 16 سنة من ” الحكم الراشد ” إلى 98 بال%d9%81%d9%8a%d8%b5%d9%84مائة من هذه الطاقة التي انهارت أسعارها و بدأت تنفذ، و لم يعد باستطاعة الحكومة شراء السلم الاجتماعي، و بدأت بوادر الأزمة الاقتصادية تلوح بظلالها في الأفق.

فمنذ أيام فقط، تحدثت مصالح الأمن بالأرقام عن سخط الجبهة الاجتماعية، فقد أفادت قيادة الدرك الوطني أن “المواطنين لايزالون يعبّرون عن سخطهم احتجاجا على مطالبهم ذات الطابع الاجتماعي المرتبطة بحياتهم اليومية، إما باللجوء إلى التجمع عبر الطرقات والشوارع، أو شن الإضرابات” .. وقد أوردت قيادة الدرك هذا التشخيص ضمن حصيلة لنشاطات وحداتها للثلاثي الثاني من السنة الجارية .. علما أنها المرة الأولى التي تتحدث فيها عن اضطرابات الجبهة الاجتماعية ضمن بيان علني.

نعم، لقد وصلت الأزمة في الجزائر الى أبلغ مما كان يتصوره أشد المتشائمين، فبعدما تربع بوتفليقة على عرش الرئاسة و الخزينة ممتلئة، سيرحل و يتركها خاوية على عروشها.

أما آخر وعد قطعه على نفسه، هو إعادة الكرامة للمواطن الجزائري و تغيير صورته في الخارج، غير أن جملته الشهيرة التي تركت صداها عند كل الجزائريين ” أرفع راسك يا با ..! ” , قد تحولت بقدرة قادر من النقيض إلى النقيض لتصبح “طلع سروالك يا وزير ” ..! بعدما بهدلنا أعضاء حكومته في المطارات الغربية، حينما راود الشك المسؤولين الغربيين بسبب الزيارات المتتالية لهؤلاء الوزراء لعواصمهم قضاء مآربهم الشخصية و شراء العقارات الفاخرة بأموال الشعب الجزائري.

و تبخرت وعود الرئيس، لكنه صدق في تنبؤاته، فها هو سيخرج من قصر “المرادية ” ليتركنا نقبع في رداءتنا كما وعدنا من قبل .

* فيصل زقاد محامي و ناشط حقوقي جزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق