أخبارمتفرقات

هل يلغي بوتفليقة قانون التقاعد الجديد ..؟

100196

* فيصل زقاد

قيل قديما “رب ضارة نافعة”، و قد يصدق القول هنا، على ما يسمى ب “تكتل النقابات المستقلة” الذي ربما قد يحالفه الحظ، ليعيد إحياء مطالبه المتمثلة في إعادة النظر في قانون التقاعد الجديد، رغم مصادقة البرلمان بغرفتيه و بالأغلبية “الساحقة للعمال ..! “

فمن خلال الاجتماع الذي عقده ممثلون عن 14 نقابة، دعا هؤلاء، رئيس الجمهورية لإلغاء أو على أقل تقدير تجميد هذا القانون المثير للجدل.

“و الي قالت لهم أقعدوا” (بتعبير جزائري أصيل)، هو انضمام نقابة الأئمة إلى هذا التكتل، و مطالبتهم -هم أيضا- بحقهم في الانتفاع بالتقاعد النسبي، و دون شرط السن – وهو أمر مضحك فعلا – فسن الأربعين و أكثر، هو طبعا، السن المطلوب للإمام حتى يكون حكيما و راجح العقل لنشر الرسالة، أسوة بنبينا محمد –صلى الله عليه و سلم- إلا أن هؤلاء كان لهم رأي مغاير، حيث أرادت هذه الفئة أن ترتاح من هذه المهنة الشاقة (حتى تتفرغ لمهنة لطالما أحبتها، و هي مهنة “الرقية الشرعية” التي أصبحت تدر عليها الأموال الطائلة ).

دعونا نرتاح من هذا البؤس قليلا، لنعود لموضوعنا الرئيس، ألا و هو مطلب التكتل بإعادة النظر في قانون التقاعد الجديد، و الذي على مايبدو، قد يلقى آذانا صاغية عند رئيس الجمهورية، و ذلك لاعتبارات عدة، منها :

أولا/عدم رجعية القوانين: فالقانون سالف ا لذكر لم يتم التوقيع عليه بعد، من طرف رئيس الجمهورية، مما سيضع وزير العمل في حرج، لعدم دستوريته، باعتبار أن القانون المدني الجزائري، و في مادته الثانية ينص على أنه ” لا يسري القانون إلا على ما وقع في المستقبل و لا يكون له أثر رجعي ” .
إلا أن قانون التقاعد المصادق عليه من طرف نواب الشعب، نص على أن تاريخ سريانه، هو الأول من شهر جانفي 2017، بمعنى أنه في حالة توقيعه من طرف رئيس الجمهورية، سيتم تطبيقه بأثر رجعي، و هو ما يتعارض مع التطبيق السليم للقانون، مما يعرضه للإبطال من طرف المجلس الدستوري بقوة القانون.

ثانيا / الظروف الأمنية الصعبة: جميعنا يعلم الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد، جراء الاحتجاجات التي أعقبتها أعمال عنف في عدة ولايات، مما يتطلب من السلطة أخذ الحيطة والحذر في قادم الأيام، وخاصة مع تهديد التكتل النقابي بالتصعيد في الاحتجاجات المزمع تنظيمها في غضون الأيام القليلة المقبلة، و هو أمر يضع أصحاب القرار في حرج، مما يحتم على رئيس الجمهورية إلغاء القانون أو على الأقل تجميده إلى حين تهدأ الأجواء، و يتم إعطاء الفرصة لجميع الشركاء الاجتماعيين للإدلاء بآرائهم و إسماع صوتهم للحكومة .

ثالثا / تباين سعر البترول: لم يكن سن قانون إلغاء التقاعد النسبي مدرجا في أجندة الحكومة البتة، و خاصة مع الطفرة المالية التي أحدثها الارتفاع الجنوني لسعر البترول، إلا أن الانهيار المفاجئ لقيمة برميل الذهب الأسود، عجل في التفكير جديا بإصدار قانون جديد يلغي التقاعد النسبي و دون شرط السن، و بالفعل تم إدراجه مع رزمة من القوانين التي ناقشها و صادق عليها البرلمان .

لكن، وبعد أن عاد سعر البترول إلى الارتفاع، بسبب قرار منظمة الأوبيك خفض إنتاجه، فمن المرجح أن يتراجع الرئيس عن هذا القانون، الذي سبب للحكومة الجزائرية صداع مزمن، و لا يمكن الشفاء منه إلا بإلغاء هذا القانون، خاصة أنه حق من حقوق العمال الذي انتزعوه بفضل نضالهم و تضحياتهم.

رابعا/ نظرة الرئيس الدونية للبرلمان : لا نذيع سرا إن قلنا أن الرئيس بوتفليقة لا يعير أدنى اهتمام للهيئة التشريعية، بدليل أنه لم يلق خطابا واحدا تحت قبة البرلمان، رغم أن الرئيس الفرنسي “هولند” فعلها خلال العهدة التشريعية الحالية، ضف إلى ذلك، إلغائه (الرئيس) لقانون المحروقات بعد أن قدمه للبرلمان الذي صادق عليه بالإجماع، في سيناريو بائس و ازدراء تام لممثلي الشعب، كل هذا وذاك، قد يكون مؤشرا قويا لإقدام الرئيس على إلغاء قانون التقاعد بجرة قلم .

في الأخير، ليس لنا إلا التريث و انتظار الأيام القليلة القادمة، فهي وحدها الكفيلة بكشف المستور، حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود لقانون التقاعد هذا .

fayssal

*محامي وناشط حقوقي وجمعوي جزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق