أخبارنافذة على الثقافة و الفن

حول علاقة الفكر النقدي بالتحديث التنموي وصيانة الهوية ..!

إبداع 1

ربما لا يستحضر من يشعرون بالخوف من حرية الإبداع الثقافي والفني بعمق وحجم الخسارة التي يواجهونها حينما يرفضون ويهاجمون أي إبداع فني أو ثقافي جاد، في الوقت الذي يستهدف فيه الطابوهات التي يخافون منها، فبالأحرى التعاطي النقدي والتحرري منهما .. ولعل ردود الفعل الأخيرة قد كشفت بالملموس ضرورة الرهان على الفكر النقدي في التعامل مع جميع القضايا المجتمعية الشائكة ضدا في الفكر التكفيري المضاد.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على علم بحجم هذه الثورة المضادة التي تسعى إلى إغلاق كل المنافذ نحو المستقبل، ونحو ما يسرع عملية التحول إلى مجتمع ديمقراطي حقيقي، لا يشعر فيه المبدعون والمثقفون بهذه الإكراهات المفتعلة من قوى التخلف الظلامي، التي تريد الإبقاء على الثقافة الغبية الخرافية المسيطرة على العقل الجمعي، الذي لا مفر من تحريره من جميع القيود التي تحول بينه وبين مواجهته لأمراضه وتناقضاته و كوابيسه وادعاءاته وإحباطاته.

إن الفكر النقدي عبر هذا التعريف، يمثل كل الوسائط العلمية والأدبية والفلسفية والتقنية، التي يوظفها الإنسان ولا يزال لاختيار ما يواجهه في حياته اليومية من مشاكل وقضايا تستلزم بالضرورة أن توضح له الاستجابة للمؤثر الخارجي الذي يضطره للحركة والتفكير والتحليل والجواب الملائم للموضوع الذي طرح نفسه على الذات المفكرة .. ولفظ النقدي يعني في عملية البحث والتأمل مجموع إمكانيات ما يجعل العقل يرتاح إلى ما يتلاءم مع السؤال الأصلي المحرض لهذا العقل في البحث عن الجواب الذي يناقش ويحلل الإشكالية المركزية للموضوع المطروح للمساءلة والدراسة العفوية أو المركزة.

إذن، الفكر النقدي الذي يجسد نفسه في الوسائط المعرفية والمنهجية التي تسمح أثناء استخدامها لمن يوظفها إمكانات متعددة للبحث المعمق للموضوع، الذي يناقشه دون خوف من الوعي السائد عنه، هو المصباح الذي ينير جوانب الغموض التي لا يطرحها الوعي السائد حول الموضوع المعروض للتحليل والاختبار والتأمل، الذي يصبح بواسطته هذا الفكر النقدي الشكي رؤيا أخرى لاتحمل من التعريف المتاح عنها نفس العناصر المشكلة لهذا التعريف، بل مشروع عناصر أخرى أكثر حداثة وتطورا وإقناعا ووضوحا التي توصل إليها من تولوا صياغتها في التخصصات التي يشتغلون عليها في كل حقول العلم والفكر والتأمل، مما يعني أن الفكر النقدي في النهاية كل المتخيلات الافتراضية التي ينتجها تعاملنا مع القضايا والمواضيع التي نواجهها في عملية تعاملنا مع محيطنا الطبيعي والبشري والحضاري، كانعكاسات بيولوجية سكلوجية واستولوجية وسوسيولوجية اتجاه الموضوع المطروح علينا في التنمية التي نتطلع إليها فرديا وجماعيا، ومن أجل صيانة الهوية التي ننتمي إليها سيكون الفكر النقدي بكل حمولاته وأدواته ومناهجه هو محصلة ما سنعتمد عليه في ورشي التنمية والهوية لتشريع عمليات الإنتاج والتحديث والإصلاح والتغيير التي نلجأ إليها عبر هذا الفكر النقدي، بعيدا عن النمطية والتقليد والتقديس التي تحول دون إيجاد رؤى أو تصورات أو تعريفات جديدة تحقق القيمة المضافة في هذه التنمية والهوية، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد أو السياسة أو الثقافة أو الاجتماع على غرار ما أصبحت عليه معظم المجتمعات الحديثة التي مكنها الفكر النقدي من الانتقال والتحول والتطور الذي نعيشه اليوم، والذي لا يجب أن نختلف عنها إن كنا نريد أن يكون حضورنا وازنا ومنتجا وفعالا في شروط الوجود الإنساني المعاصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق