أخبارمتفرقات

صناعة الرأي العام

الدكتور : الصديق بزاوي
BZAOUI

لن نكون مبالغين اذا اعتبرنا صناعة الرأي العام من أهم جبهات الصراع بين مختلف القوى، سواء كانت محلية أو دولية .. وسواء كانت سياسية أو اديولوجية، عقائدية، بل وحتى اقتصادية أو عسكرية .. ولن نكون مبالغين أيضا اذا اعتبرنا الإعلام أقوى وأخطر سلاح لصناعة مواقف العامة من الناس، وبناء عقولهم بمعارف وأفكار وآراء وتوجهات محددة ومدروسة بشكل ممنهج وضعت له خدمة أهداف وأجندات بشكل مسبق .

إن الغريب في الأمر هو أن الإنسان # المنتوج # يعتقد في قرارة نفسه على أنه حر في فكره واختياراته، في حين أن اعتقاده هذا خاطئ، لأنه يجهل تحكم الإعلام في صناعة رأيه، إن مثله كمثل جسم يلقى به في السماء فتتلاعب به الريح وينجذب نحو الأرض بفعل الجاذبية معتقدا أنه حر في إرادته لأنه يجهل تأثير الريح والجاذبية .

إننا نقصد هنا بالإعلام جميع الوسائل والأدوات التي تنتج الخبر والمعلومة والرأي وما يشبه ذلك وتسوقه بين عامة الناس وخاصتهم .. ونشير على الخصوص إلى الإذاعات المسموعة والقنوات التلفزية والصحف والجرائد الورقية والالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي يقبل عليها الشباب على الخصوص .. وإن معظم المتهافتين على السلع الإعلامية لايبذلون ، مع الأسف الشديد وسعهم لتفحص المنتوج لفحص النبأ وتبينه عن طريق إعمال العقل من أجل الملاحظة والمقارنة وتقصي الحقيقة، وخاصة معرفة مصد ر الخبر .. إن هؤلاء يكتفون بتلقي المعلومة جاهزة، كيف لا، وقد صدرت من جريدة مشهورة، أو صرح بها مسؤول مرموق .. ومثل هذا الواقع عبد الطريق أمام صناع الرأي العام فحققوا أغراضا في نفوسهم .

شكلت أحداث سوريا المؤسفة أخطر جبهة صراع بين قوى دولية مختلفة، فقد انطلقت من مجرد احتجاجات جماهيرية مألوفة لدى الدول الديمقراطية، لكنها شكلت مادة خامة استثمرتها قوى إعلامية دولية معارضة لقوى الممانعة فحولتها إلى سلاح فتاك دمر البلد وقتل العباد وأسال الدماء، مستعملة قنابل المصطلحات من قبيل تحقيق الحرية والكرامة ورحيل الأسد الذي يقتل شعبه ويبيع وطنه لإيران الشيعية .. وهكذا انتصر الإعلام فحول المؤامرة إلى ثورة .

إن الشعوب مطالبة بالحذر الشديد من سلطة الإعلام .. إنها في أمس الحاجة إلى كتاب الله الكريم الذي قال فيه العليم القدير.

# ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين # . سورة الحجرت . الآية 6
# لاتقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا # سورة الإسراء الآية 36

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق