ذ. عبد اللـه عزوزي
رغم أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تلجأ فيه صحافة الرصيف و الإثارة، و ممتهني الصيد في رمال الصحراء، إلى محاولة إزاحة قطار فكر بنكيران و تصريحاته عن سكته و مقصده — بحيث عشنا لحظات سالفةٍ موغلةٍ في التطرف و الإزاحة، كان أقواها حينما خاطب رئيس الحكومة البامية ميلودة حازب، مقارنا حزبه (العدالة و التنمية) بحزبها (الأصالة و المعاصرة)، حيث لم يجدوا وقتها أي وازع يعترض هروبهم “بكلام” بنكيران في اتجاه الجانب السفلي مع تحميله من المعاني و النوايا ما لم يخطر حتى على بال الشيطان– فإن ما أورده بنكيران اليوم بالمعمورة في ملتقى المجلس الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أُريدَ له، و بِه، ما أُرِيدَ بالقول المشهور “ديالي كبير” الذي تفوه به رئيس الحكومة ذات يوم من سنة 2015 .
المغرضون اليوم، برهنوا من جديد أنهم لا يعترفون بالهزائم و لا يتعظون بالتاريخ، في حين أن إيمانهم برياضة السباحة في الماء العكر تزداد تعمقا و توغلا في كيانهم .. اليوم هم يقولون بأن بنكيران أهان مجهودات المؤسسة الملكية المُستَثْمَرةِ في القارة الإفريقية، وأنه يرى فيها مجرد إهانة للشعب المغربي .. !
فمن يصدق هذا النوع من التطرف، أو بالأحرى “تطريف الكلام و تجريده من سياقه المعنوي و اللفظي” ..؟.
لا نحتاج أن نشرح للعقلاء أكثر، فكثيرهم يفوقنا فقها في اللغة و معرفة في السياسية و قدرة على تفكيك الخطاب .. بنكيران أراد أن يقول بأنه لا يُعقل أن يكون جلالة الملك منخرطا في صناعة صورة مشرقة عن المغرب، تخوله بأن يكون سباقا و مبادرا و رياديا في الخارج، في حين أن هناك جناحاً داخليا يسبح ضد التيار الذي يرسمه جلالة الملك، و يحاول أن يرسم اليأس و يخلق الفتنة و ينقلب على التفاف المغاربة على الحُكْم الديموقراطي بعرقلته لمساعي تشكيل الحكومة التي من شأنها أن تكون في مستوى التحديات التي تنتظر المملكة على المستوى الوطني و القاري و الدولي.
فلا يمكن الحديث عن أي نصر عام (خارجي)، إن لم يحقق الفرد أو المؤسسة نصره (ا) الخاص، أو ما يسميه ستيفن كوفي كذلك بالنصر الداخلي.