
بقلم – سعيد ودغيرى حسنى
ليست الثقافة عند جمعية الكرامة موعدا عابرا في روزنامة مزدحمة، ولا عرضا يطفئ أضواءه مع نهاية التصفيق .. الثقافة .. هنا كائن حي يتنفس يمشي يتعثر، ثم ينهض .. رؤية تبنى مثل فيلم جيّد .. فكرة واضحة .. شخصيات حيّة .. مسار متصاعد ونهاية مفتوحة على الأمل
من هذا المنظور، تشكلت رؤية العجلات الأربع الجذور الجسد العقل الحلم .. أربع قوى تتحرك معا، إذا تعطلت واحدة اختل السير، وإذا اشتغلت انسجم الإيقاع
العجلة الأولى .. المسرح الجذور في هذا الفضاء يولد كل شيء .. المسرح ليس خشبة فقط، بل معمل هوية، هنا نتعلم الصنعة قبل الشهرة والانضباط قبل الأضواء، هو المكان الذي يثبت فيه الفنان نفسه فنانا لا هاويا عابرا .. الجذور عميقة، لأن ما لا جذور له تسقطه أول ريح
العجلة الثانية .. كرنفال الحلقة الجسد حين يخرج الفن إلى الشارع يستعيد روحه في الحلقة يتنفس الجسد الجماعي ويتحول التراث من ذاكرة صامتة إلى طاقة حيّة .. هنا الفن ليس ترفا، بل خبز يومي الجمهور شريك لا متفرج، ومن هذا الاحتكاك يولد الصدق وتكتشف مواهب لم تمر يوما عبر الأبواب الرسمية
العجلة الثالثة .. نادي البرنوصي السينمائي العقل الشغف وحده لا يكفي .. هنا تبدأ الصرامة الجميلة .. التكوين الاحتراف تحويل الرغبة إلى معرفة والمعرفة إلى كفاءة النادي استثمار طويل النفس في الإنسان، وضمان حقيقي لمستقبل السمعي البصري .. شباب يتحولون من مستهلكين للصورة إلى صناع لها، ومن حلم فردي إلى اقتصاد ثقافي ممكن
العجلة الرابعة .. مهرجان السينما الحلم كل رحلة تحتاج منصة المهرجان لحظة مكاشفة مع العالم .. عرض للمنجز حوار مع الآخر وسوق للأفكار والمنتج هو تتويج نعم .. لكنه، أيضا بداية دورة جديدة، حلم يرى النور ليوقظ أحلاما أخرى .. هذه العجلات ليست برامج منفصلة، بل دورة حياة كاملة يولد الإبداع في المسرح يتقوى في الشارع يتعلم ويصقل في المدرسة، ثم يعرض ويتوج في المهرجان العائد لا يضيع كل مرحلة تغذي الأخرى ماديا رمزيا وإنسانيا في جمعية الكرامة، لا نعد بنشاط ناجح فقط، نحن نبني بيئة حاضنة يولد فيها الفن من المجتمع ويعود إليه أكثر نضجا وقوة .. ثقافة جادة شعبية ومستدامة، هكذا نمشي على أربع عجلات بعينين على الواقع




