أخبارمنبر حر

جماعة الوردزاغ : “هْبلْ، ترْبحْ” شعار المرحلة ..!

AZZOUZI 1

ذ.عبد اللـه عزوزي

كم كان ذكيا، بل حتى حكيما، ذلك المواطن الذي تفتقت قريحته فلَخَّص سلوكيات بعض المواطنين الشاذة والمنحرفة بتلك الجملة الشرطية عنوان المقال: “إذا أردت أن تربح، فتظاهر بالحمق”

العنوان يلخص مجموعة من السلوكيات التي غزت معظم دواوير جماعة الوردزاغ، والهدف منها هو الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من أمتار و مساحات الملك العام الذي لم تسلم منه أراضي الجموع، ولا حتى الأزقة و الممرات.

وقبل المرور إلى الأسباب التي شجعت مظاهر تلك الفوضى، وغذت الخلايا النائمة لانفلات أمني قادم، إليكم ما أُريقَ على جنبات كأس تلك المظاهر:

• الارتماء العشوائي على الملك العام من خلال إقدام الفلاحين إلى ضم أراضي الجموع (أو ما يعرف محليا بأرض الحْريم) إلى أراضيهم بمعدل عشرات الأمتار سنويا .. و ما يرافق ذلك من تنافس حادٍ كاد أن يسقط أرواحا في غير ما مرةٍ.

• تَبَنِّي سياسة توسيع المباني والمساكن على حساب “أرض الحريم” المجاورة، أو على حساب الممرات التاريخية التي وُجدت منذ النشأة الأولى للدواوير في عشرينيات القرن الماضي.

• البناء العشوائي الذي ترخص به الجماعة خارج مركزها، والذي يتخذ من منابع المياه، و الآبار السلالية، سكنا و جِواراً، و ما يسببه ذلك من تلويث للفرشة المائية التي تعتمد عليها استمرارية الحياة.

• السَّعيُ إلى طمس الذاكرة التاريخية للدواوير من خلال استهداف (تخريب) بناياته القديمة التي لها تاريخ يقارب المائة سنة، خاصة معاصر الزيتون التقليدية القديمة التي تَراجَع دورها أمام منافسة المعاصر الكهربائية الحديثة .. إذ تحتفظ تلك المنشآت — الجديرة بأن تتحول إلى متاحف محلية تحفظ ذاكرة الدواوير و قاطنوها السابقون– بتاريخ المكان و الزمان و الإنسان جدير بالحفظ و التثمين لو وجدت مجالسَ منتخبةٍ لها عيونٌ تبصر بها و قلوبٌ تفقه بها.

• الغياب الكلي لحس المسؤولية لدى كثير من ساكنة الجماعة (المركز و المجال الترابي التابع له)، خاصة ما يتعلق باحترام أملاك الغير، و النظافة و احترام البيئة .. ففي هذا الصدد، تَعْمَدُ العديد من الأسر إلى إلقاء أزبال الإسطبلات المركزة على جنبات الممرات السكنية، في إغفال تام للأضرار التي تُلحِقُها روائحها بالمارة و الجيران..

يُرجِعُ البعض الفوضى المدمرة التي اجتاحت دواوير الجماعة، ومست باستقرارها و بالذوق العام فيها، إلى خُلُوِّها من مُمثلٍين للسلطة المحلية، بحيث اختار من يشغلون هذه المهمة أن يبحثوا لأنفسهم عن ظروف أفضل للعيش بمركز الوردزاغ، بخلاف أعوان السلطة في عهد إدريس البصري، الذين كانوا يشاركون ساكنة الدوار في سرائها و ضرائها، و دأبوا حينها على وضع قيادة المركز في الصورة بخصوص كل التطورات و الطوارئ الاجتماعية التي تشهدها مداشهرهم .. فغياب إقامة أعوان السلطة (الشيوخ و المقدمين) بدواويرهم المتواجدة في أعالي الهضاب و الجبال ساعد، و بشكل واضح، على تفشي ظواهر السرقة (الأبقار و الدواب و المنازل) و التعاطي للمخذرات ..!

سبب آخر للانفلات الذي يُنذِرُ بمزيد من التفاقم و المضاعفات راجع لكون بعض المواطنين يَسْتَقْوُون بمقربين لهم بمركز الجماعة أو بجهات ما، باعوا لها أصواتها الانتخابية أو دعموها في وقتٍ ما من المحطات الانتخابية.

فما لم تتحرك السلطة و تقوم باحتواء الوضع في أقرب وقت، فإن الاستثناء قد يصبح هو القاعدة، و قد تتطور الأمور للأسوأ و قد تضرب تلك الانتهاكات هبة المخزن (الدولة) في العمق و تصيب التماسك الاجتماعي للساكنة في أهم مفاصله، و قد يرث الأبناء عن آبائهم مقولة “هْبلْ، ترْبحْ” اعتقاداً منهم أنها أصل التنمية و التوسع العمراني و النجاح .. و لو على حساب سلطة، اسمها الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق