أخبارالدين و الناس

تجديد الخطاب الديني يبدأ بتكريس حرية طرح السؤال ..!

ABOU HAFS

شكل تهديد شيوخ السلفية ل. عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص) وإهدارهم لذمه لمجرد مطالبته بمناقشة قضية المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة .. ما يؤكد صحة العنوان فبدون حرية المفكر والإمام والشيخ سيكون تجديد الخطاب الديني ضربا من الخيال، لأن الخوض فيه من قبل حراس الخطاب الديني المحسوبين على التيار المحافظ يعتبرون مناقشة النصوص الدينية ذات قطعية الثبوت استهتار وزندقة وعبث يجب زجر أصحابها حتى الحكم بالموت عليهم إن لم يراجعوا ويعتذروا عن زلاتهم المضادة لشرعية النصوص خاصة القرآنية منها.

إن عبد الوهاب رفيقي الذي تجرأ على مناقشة قضية الإرث، لم يكن هدفه المس بالثبوتية القطعية للنص، ولم تكن غايته التحريض على الكفر بشرعية ما جاء به الإسلام في الإرث .. وبالتالي، لا حاجة إلى رفض محاولته التي قد تكون خطأ أما صوابكم، وقد تكون صوابا أمام خطئكم .. خصوصا، أنه حاول لفت انتباه المسلمين إلى ضرورة البحث عن ما يلائم الشريعة اتجاه واقع المسلمين الحالي المتخلف عن الشروط السوسيواقتصادية والتاريخية التي جاء بها الإسلام، ناهيك أن المرأة في الفترة المعاصرة أصبحت معنية بالمشاركة في تدبير الحياة المنزلية والعامة، وأن التزاماتها تقتضي إنصافها في النصوص التي تحتاج إلى الاجتهاد قصد ملاءمتها مع هذه الخصوصية الحضارية الجديدة.

هذا الطرح منا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة المؤيد لمحاولة رفيقي يعني أن الخطاب الديني المطالب اليوم بالتجديد لن يكون إلا إذا تم توسيع مساحة الحرية التي تتعلق بطرح السؤال والاجتهاد في ملاءمة النصوص مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تطبق فيها، ونذكر هذه الجماعات المتطرفة والتكفيرية بضرورة الالتزام بفصيلة الحوار الذي حض عليها الإسلام من خلال قول اللـه سبحانه وتعالى:”ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”، فما قام به عبد الوهاب رفيقي لا يستدعي تكفيره وإجازة هدر ذمه، كما لجأ إلى ذلك بعض الشيوخ في السلفية مؤخرا، ولم تكن غايته الطعن في قطعية الثبوت في النص الديني المتعلق بالإرث، والدعوة إلى المساواة في الإرث بين النساء والرجال ضدا في شريعة اللـه .. وما أحوجنا في عالمنا الإسلامي اليوم إلى المرونة من قبل هؤلاء المعنيين من الشيوخ والأئمة والدعاة الذين أصبحوا من فرط الجهل وضعف المعرفة أكثر ميلا إلى الرفض والتطرف في تفسير نصوص القرآن والسنة.

حسبنا اللـه، في بعض الفيروسات التي اعتلت المنابر في المساجد الكبرى ومساجد الأحياء لتنصيب نفسها حارسة على القيم والعقل الديني المشترك، والتلويح بمهاجمة كل من يختلف مع ترهاتها وفتاواها وإرشادها الديني، بما في ذلك نخبة المجتمع المفكرة والعالمة والواعية بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي، كما تعرض مؤخرا مفكرنا المغربي الكبير عبد اللـه العروي إلى القذف والتحقير من (أبو الجحيم) وليس أبو النعيم، الذي يعبث بكل شيء ويهين من يعتقد أنهم حملة الفكر العماني والحداثي أو من ينعتهم بالزنادقة وعبدة الغرب ومروجي الفكر الاستهلاكي الإباحي .. وإلى حين إيقاف هذا (أبو الجحيم) الذي تزايد تطاوله على كل من لا يعجبه اجتهاده الفكري والعلمي والديني، وإلى توجيه سيوفه النقدية التكفيرية حتى وإن لم يتمكن من متابعة من يختلف معهم في المجتمع، بما في ذلك الفقهاء حينما يجتهدون في تفسير نصوص القرآن والسنة والتي تقتضي هذا التفسير والتحليل الفقهي والعلمي والفلسفي.

طبعا، نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة ضد من يلجأ إلى الخوض في القضايا الخلافية التي لا تزال تحتاج إلى النقاش والاجتهاد بين فقهاء وعلماء والأئمة، وضد من يبحث عن الشرعية لمحاولاته ومغامراته المسيئة إلى قدسية وحرمة النصوص التي تتوفر على القطعية الثبوت، سواء في القرآن والسنة .. ونعتقد في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن تجديد الخطاب الديني لا يعني المس بشرعية الأصول، وإنما البحث في الفروع، وفي المجالات المتاحة في فقه المقاصد، وليس فقه النوازل الذي تسلح به هؤلاء المحافظون التكفيريون من علمائنا وفقهائنا سامحهم اللـه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق