أخبارللمستقلة رأي

لا قيام لسلطة رأي عام وطني حر ومستقل بالقوانين الجديدة التي تحول دور ممارسة وظائفه ياوزيرنا في الاتصال

AL AARAJ

أصبح في حكم الواقع وجود شرخ كبير بين قناعة الفاعلين الصحافيين والإعلاميين واللوبي المتحكم في سلطة القرار في الوزارة الوصية على قطاع الاتصال، في قضية شرعية القوانين الجديدة التي تم تمريرها بدون موافقة جماعية حقيقية، بما في ذلك معارضة الأطراف التي ساهمت في صياغتها النهائية، التي حظيت بموافقة الأغلبية البرلمانية عليها، مما أضحى معه الموقف المطلوب من كافة المتدخلين في المشهد الصحفي والإعلامي يتجه إلى رفضها، وفتح النقاش حول أعطابها وأخطائها وتجاوزاتها، وفي طليعة الجميع الوزارة الوصية في عهد الوزير الجديد الذي يجب عليه الانحياز إلى التوجه الذي يدعو إلى وقف العمل بها، وإعادتها إلى النقاش العمومي وتوفير شروط تجويدها وتعديلها وفق ما يتطلع إليه عموم الفاعلين في الصحافة والإعلام من أجل تكريس ظهير الحريات العامة في إصدار الصحف وتجاوز أعطاب القوانين الجديدة الملموسة.

انسجاما مع قناعتنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في النضال النقابي المسؤول لصالح الفاعلين وصيانة مصالحهم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وتبعا لمساعيها المتعددة لإقناع الوزارة الوصية على قطاع الاتصال بضرورة احترام المكاسب والحقوق المنصوص عليها في ظهير الحريات العامة لسنة 1958، راسلت الأمانة العامة للنقابة وزارة العدل المعنية بتسليم التصاريح الخاصة بإنشاء الصحف والمواقع الإلكترونية في الموضوع، لوضع نهاية للتغليط والغموض والدعايات الكاذبة، وتكريس شرعية ظهير الحريات العامة من قبل السادة وكلاء جلالة الملك في منح التصاريح بإصدار الصحف، فكان جواب الوزارة إيجابي ومع رؤيا ومنظور النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في هذه الإشكالية القانونية التي حاولت وزارة الاتصال إجبار الفاعلين على ضرورة ملاءمة تصاريحهم مع القوانين الجديدة التي تحتاج إلى معالجة ثغراتها وأعطابها التي تتنافى و روح الدستور والظهير التاريخي الوطني المتعلق بالحريات العامة.

إن المنظومة القانونية الجديدة التي رفضتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة في وقتها من خلال مذكرتها الجوابية للوزارة، والتي وقفت فيها على جملة الثغرات والتجاوزات التي جاءت بها القوانين الجديدة، تعتبر تراجعا خطيرا عن ما كان يتطلع إليه الفاعلون من ما قدمته اللجنة العلمية في مشاريع القوانين التي رفضتها الأطراف المشاركة في صياغتها قبل تقديمها للمناقشة والمصادقة البرلمانية.

لن نذكر مناضلينا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في فروعنا عبر تراب الوطن، ولا عموم الفاعلين بأهمية النصر القانوني الذي حققناه من خلال جواب السيد وزير العدل المحترم على مطلبنا الذي في نفس الوقت أبدى استعداده التام لمعالجة كل الملفات العالقة .. فيكفي أنه المعني بالتصريح القانوني والمسؤول على تحصين وتطبيق قوانين الوطن .. لذلك، فإنه لاحاجة إلى ملاءمة التصاريح القديمة مع القوانين الجديدة، وأن وزارة الاتصال لاتملك الحق في الطعن في شرعية القوانين.

إن طرحنا للقضية في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ليست له أهدافا دعائية أو انتقامية أو احتجاجية، بل يتجه نحو تأكيد صحة مواقفنا التي عبرنا عنها قبل تكوين اللجنة العلمية التي تكلفت بصياغة مشاريع القوانين، والتي دوناها بعد ذلك في المذكرة الجوابية عن مشاريع القوانين التي قدمت لنا من طرف الوزارة، قبل انتهاء اللجنة العلمية من الصياغة النهائية، والتي أكدنا فيها على ما يجب أن تكون عليه القوانين الثلاثة، ومع ذلك، حسمنا موقفنا في المطالبة بإعادة مسودة المشاريع للنقاش العمومي عبر المقاربة التشاركية .. وما نبهنا إليه، عبر عنه الذين شاركوا في صياغة القوانين الجديدة من خلال رفضهم للصيغ النهائية التي قدمتها الوزارة للبرلمان قصد المصادقة النهائية عليها، وهذا تحصيل لموقفنا المبدئي الذي نعبر عنه اليوم.

إن ما جاءت به المدونة الجديدة يشكل ضربة خطيرة للمكاسب التي جاء بها ظهير سنة 1958، وتجسيد لسياسة الأمر الواقع وفرض وتقوية القيود التي تتعارض وجوهر ما جاء في الظهير الشريف السالف الذكر، وكل المواثيق والاتفاقيات التي وافق عليها المغرب في هذا المجال، وما تضمنه الدستور الجديد لسنة 2011، من احترام وإقرار حرية الصحافة، وتأسيس المجلس الوطني للصحافة المفروض فيه تنظيم المهن الصحفية والإعلامية، والذي هو وحده المنبر الأساسي لمعالجة المشاكل المهنية والفصل في منازعاتها .. لأجل ذلك، وبعيدا عن لغة التصعيد والمساومة والابتزاز، نطالب السيد وزير الثقافة والاتصال -قطاع الاتصال- بضرورة القطع مع هذا التوجه الذي يتنافى والتحسين الذي حققه الوطن في مجال إقرار أسس وقواعد وقوانين المجتمع الديمقراطي الحداثي، التي أصبح يحظى بفضلها بالاحترام من دول الجوار الإقليمي والجهوي والقاري .. ولا نعتقد أن الهاجس الإصلاحي الأمني غير وارد في سياسة السيد الوزير الجديد الذي عبر عن استعداده للتعاون مع الفاعلين لإصلاح وتجاوز كل الأعطاب والعراقيل التي تحول دون تطور مشهدنا الصحفي والإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق