أحزاب و نقاباتأخبار

الانفلات الإعلامي والصحفي الراهن وضرورة حماية الفاعلين منه بدل التلويح بالعقوبات

الأمانة

إنه من العبث بالنسبة للأطراف المتحمسة للتلويح بتطبيق القوانين الجديدة للصحافة والإعلام، التي مررتها الأغلبية التي كان يمتلكها حزب العدالة والتنمية في الولاية السابقة، والتي صاغتها اللجنة العلمية التي شارك فيها ممثلو النقابة الوطنية للصحافة المغربية وفيدرالية الناشرين، وقد رفضتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في وقتها، ولا تزال تناضل من أجل إصلاحها وتجويدها وتترقب مشاركة جميع الفاعلين إلى جانبها في هذه المعركة، ولا تمنح الشرعية لمن يريدون فرضها، والجهات التي تتجاهل حقيقة ما أصبح عليه المشهد الصحفي والإعلامي الوطني من انفلات إعلامي وصحفي، الذي لا أحد من المؤمنين برسالة الصحافة والإعلام يمكنه القبول به بعد أن تجاوزت بعض أفعاله سقف المسموح به والمتاح في حرية التعبير، سواء المنصوص عليها في دستور الوطن أو المتعلقة بالقوانين الدولية ذات الصلة، كالمس بحرمة المؤسسات والأعراض وشرعنة التشهير والتجريح والتخوين بدون أدلة إثبات واتهام.

بكل تأكيد، فالملوحون بحجب المواقع الإلكترونية، وفرض العقوبات على المخالفين يتجاهلون ما يمكن أن تؤدي إليه آثار أي خرق أو ملاحقة أو مس بحرية الصحافة والإعلام على استقلال الوطن، والوضع الاعتباري الذي أصبح عليه اليوم من جهة، وما يمكن أن يتم عن عدم احترام القوانين بالنسبة للممارسات الصحفية والإعلامية المخلة بأخلاقيات المهنة، التي لا يتوفر أصحابها على التصريح القانوني، وتجعلهم (الممارسات) في قفص الاتهام، سواء في نشر واختلاق الإشاعات، أو في المس بمقدسات الوطن أو الطعن في الأعراض والمؤسسات، والتحريض على الكراهية والاحتجاج الغير القانوني والابتزاز والقذف الغير المشروع.

إذن، طرح قضية الملاءمة لا يهدف إلى مناقشتها، بل إلى استغلالها للتغطية على الممارسات المجسدة للانفلات الإعلامي والصحفي المرفوض، كما صرح بذلك السيد وزير الثقافة والاتصال لوفد الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وهذا ما يؤكد أن الذين يلوحون بالملاءمة يستهدفون في الواقع من يحاربون الانفلات الإعلامي والصحفي الذي تجاوز أصحابه كل الحدود، وكذا الهامش المتاح من الحرية للصحافيين والإعلاميين، التي يذكر جلالة الملك من حين لآخر بضرورة أن يكونوا معبرين عن الإعلام والصحافة المتجاوب مع المنظومة القانونية والقيمية التي يقوم عليها المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي تحاول اللوبيات والمافيات المناهضة للتطور والتقدم فرملته باستمرار لحماية نفوذها الطبقي والاستثماري فقط.

إن تمرير منظومة القوانين الجديدة للصحافة والإعلام، التي يراد منها خلق تصدع وأزمة بين الصحافيين والإعلاميين، الذين لا يشاطرون هذه القوى المستهدفة، التي تريد إقحام القضاء كخصم للصحافة والإعلام، بدل أن يظل ضامنا للحريات والحقوق المنصوص عليها في دساتير المغرب .. ولهؤلاء نقول، إنكم واهمون، لأن مصالح الوطن والمواطنين واختيارات العهد الجديد تشكل خطوطا حمراء، لا يمكن اللعب بها لصالح الذين يقرعون طبول هذا الانفلات الإعلامي والصحفي لتأمين مصالحهم ونفوذ أولياء النعمة الذين يمولونهم ضد الدولة والمجتمع .. وسنكون في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ضدهم وننصح الحزب الذي يتولى حقيبة قطاع الاتصال، والحزب الذي يدبر حقيبة العدل أن من ساهموا في تمرير القوانين لهم مخطط إجرامي خطير يستهدف الجميع، ويتطلع إلى فرملة تكريس المجتمع الديمقراطي الحداثي.

لم يعد بالإمكان التزام الصمت اتجاه الممارسات الصحفية والإعلامية التي لا تحترم أبسط قواعد وقيم الأخلاقيات المهنية، والتي تتصيد جميع القضايا لعرض ونشر غسيلها الذي يفتقر إلى مقومات وعناصر المنتوج الإعلامي والصحفي المطلوب، مما حول المشهد الإعلامي والصحفي إلى فضاء منفلت، تتصارع فيه الأقلام المأجورة لإبراز مؤهلاتها في استغلال المشهد للتضليل، وخلق الزوابع الصحفية والإعلامية، كما يظهر في التعاطي مع احتجاجات الحسيمة التي وجد فيها المأجورون ما يمكنهم من قلب الحقائق وتوجيه الاتهامات وتشويه صيرورة الأحداث ونتائجها أو تأويل خلفياتها وأسبابها.

إن السلوكات التي تجعل الصحفي أو الإعلامي متهما ومدانا بافتقاره إلى المعلومات الصحفية، أو بالصياغة المهنية المضللة، أو المشوهة أو الدعائية التي لا علاقة لها بموضوع هذه الممارسة الصحفية أو الإعلامية التي يجب أن يكون فيها المهني متمكنا من صحة مصادره ومعلوماته، ومحايدا في تحليلها وفي عرض جميع الآراء والمواقف المطروحة حولها، ناهيك عن امتلاكه للتصريح القانوني الذي يوفر له الحماية القانونية في عمله الصحفي والإعلامي، وبعيدا عن هذا الانفلات الإعلامي والصحفي الذي يقوم به بعض أصحاب المواقع الإلكترونية والقنوات الرقمية ويرتكبون فيها سلوكات تضر بحرية الصحافة والإعلام وبمن يمارسون عملهم بصفة قانونية، ومنح الفرصة لأعداء الصحافة والإعلام للتلويح بالتراجع عن جميع المكاسب والضمانات التي يتمتع بها الفاعلون في جميع مواقعهم الصحفية والإعلامية اليوم، ودعم جميع المبادرات الهادفة إلى توسيع الحرية كما تترجمه القوانين الجديدة.

ربما تحول موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، اتجاه مزايدات واستنتاجات الإعلام المأجور إلى ما يشبه الموقف الممل من فرض التزامنا به في مواجهة من يوظفون أقلامهم في تحليل ومتابعة القضايا الوطنية لتصفية الحسابات، والكلام المستباح، وصب الزيت لإشعال الحرائق فقط لإرضاء الجهات والأطراف المتورطة في هذه القضايا أو تبرئتها من التهم والإدانات الموجهة حولها، والخروج في بعضها بمواقف تتجاوز مواقفها الصحفية والإعلامية، ناهيك عن فتح المجال في بعض الأحيان لمن يريدون استغلال هذه القضايا في الحروب ضد خصومهم في السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق