أخبارملفات و قضايا

بين قوة الخطاب الملكي لعيد العرش عن الأزمة المجتمعية و ردود فعل الطبقة السياسية المتواضعة (1)

ILYA

في الوقت الذي كان ينتظر المغاربة من الأحزاب السياسية ممارسة نقد الذات ومحاسبة برامجها التي أوصلت الوطن إلى ما هو عليه من تأخر اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي، بعد أن شخص خطاب العرش لسنة 2017، حقيقة الواقع المغربي بكل ما يوجد عليه في ظل هذه الأزمة المجتمعية التي لم تتمكن الأحزاب من معالجتها، سواء التي تتحمل المسؤولية الحكومية، أو تلك التي تتخندق في المعارضة، باستثناء انشغالها في الصراعات الحزبية على الامتيازات والغنائم التي تحصل عليها من تدبيرها للشأن العام في مواقعها في الأغلبية الحكومية، أو في المكاتب المسيرة للجماعات والجهات، بدل الصراع على البرامج والمشاريع التي تساعد على احتواء الأزمة المجتمعية في كل تجلياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

إن جميع المواقف الحزبية المعبر عنها بعد الخطاب الملكي النقدي الصريح، كانت متوقعة في مضمونها ولغتها، وفي المحاور التي تناولتها، ولم تخرج عن النموذج التقليدي الذي يحاول تبرئة الذمة من المسؤولية، واختزال العجز في عدم القدرة على مواجهة لوبيات الضغط والتحكم والمخزن التي تحول بين هذه الأحزاب وترجمة البرامج والمشاريع الكفيلة بتجاوز تداعيات هذه الأزمة المجتمعية التي استفحلت قي عهد حزب العدالة والتنمية، خلال الولايتين التشريعيتين الأخيرتين، حيث تفاقمت فيهما معطيات هذه الأزمة التي كشفت عنها أرقام المنظمات الدولية والوطنية، سواء في ارتفاع المديونية أو في نسبة البطالة والفقر وتدني الخدمات الصحية والسكنية والإدارية والثقافية، وفي الفوارق الطبقية والجهوية والمجالية التي فاقت جميع التوقعات.

إذن، الطبقة السياسية لجأت كعادتها القديمة إلى ردود الفعل التبريرية المتواضعة والمألوفة التي عبرت عنها أحزاب: الاتحاد الاشتراكي الذي اعترف بالتشخيص الملكي، وحزب العدالة والتنمية من خلال موقف زعيمه بن كيران حول “البلوكاج” وسلوك العفاريت والتماسيح، وموقف الأصالة والمعاصرة في غياب الحوار المجتمعي حول شروط ومفاتيح البرامج الكفيلة بإنقاذ الوطن من تداعيات الأزمة، وموقف الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في غياب الروح الوطنية وعدم التعالي عن المواقف الحزبية الانتهازية الضيقة.

إن الطريق لمواجهة أسباب الأزمة المجتمعية وآثارها الكارثية بالنسبة لجميع الأحزاب يمكن في نقد الذات وتفعيل المحاسبة المجتمعية للمسؤولين عن هذه الأزمة الهيكلية التي يواجهها المغرب اليوم.

ما لم يستحضره إلياس العماري، ونبيل بن عبد اللـه، في الوصايا التي حاولا من خلالها تبرئة أحزابهما من المسؤولية فيما تناسلت إليه الأزمة البنيوية الإنتاجية والتدبيرية والتي يعيشها الوطن على ضوء فشلهما في الأغلبية والمعارضة، أن تعويم المسؤولية لا يسمح لكليهما بتبرئة الذمة، وأن الرهان على الحوار المجتمعي بدون شروط، والرهان على الاتهام للمبني للمجهول لن يكرس اقتراحاتهما للخروج من عنق هذه الأزمة التي يعرفان أسبابها والحلول الملائمة لها، وأن الروح الوطنية التي يراهنان عليها مفقودة وتحتاج إلى حقن الفاعلين السياسيين والاجتماعيين بها .. خصوصا، بعد انكشاف دعارة مواقفها من القرارات التي مررتها حكومة بن كيران، سواء في ملف المقاصة أو التقاعد أو قوانين الصحافة والنشر وغيرها من القرارات التي تترجم توجهات المؤسسات المالية التي كانت تمنح القروض لحكومته لإنقاذ ميزانياتها السنوية من العجز، في الوقت الذي يتحدى فيه معارضيه عن استقلاله في تدبيره الحكومي الفج والفاشل والفاقد للهوية الوطنية في اختيار التوجه التنموي الذي يتلاءم وطبيعة المشاكل المطروحة، وحرصه على الغوغائية في تبرير أخطائه التي تكشف عمق الفقر في المعرفة والتجربة في ممارسة المسؤولية التي يتحملها بالمقارنة مع رؤساء الحكومات السابقين، وادعائه الخرافي والمسرحي عن مؤهلاته الخارقة التي لم تتوفر لأي رئيس حكومة قبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق