أخبارللمستقلة رأي

النخبة الناعمة واستمرار التغريد خارج العقل الجمعي المغربي السائد ..!

510

لم يكن مطروحا علينا في جريدة المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن نضع تنظيرات وتخريجات واستنتاجات من يصنفون أنفسهم بالنخبة المؤطرة والمؤدلجة لوعي المواطنين على قائمة الموضوعات التي يجب افتحاصها، وفلترة مضامينها التي أصاب بعضها الشروفنيا والهذيان والشيخوخة والزهايمر والعبثية والسطحية في تعاطيها مع الواقع المغربي في كل بنياته، تشريحا وتنظيرا وحرص البعض الآخر على الاستخدام والتوظيف لآخر ما يوجد في السوق من المفردات والمقولات والتوجهات والنظريات لبيع الأوهام والأحلام الوردية والمشاريع المستقبلية الحالمة للمغاربة .. متجاهلين ربما ما أصبح عليه وعيهم من نضج وتقدم في الاشتغال على ما تقدمه هذه النخبة من قراءات وانتقادات وتقييمات وتنظيرات جاهزة.

إن ما لم يدركه هؤلاء المغيبون إراديا، هو أن المغاربة استرجعوا القدرة على الفهم والتحليل في التعاطي مع تنظيرات المنتمين إلى المجالات التي تشهد اليوم اختبار التحليل السياسي والنقابي، وما أكثر هذه النماذج التي يحلل أصحابها طبيعة الموضوعات المطروحة عليهم، ولا يرون في الذين يختلفون معهم إلا الجهلة والعامة وسائر الأسماء القدحية التي تنطبق عليهم أولا، وتشرح حقيقة الاغتراب والقصور الذي يعانون منه حتى الآن.

خصصنا في المستقلة بريس، هذه المقدمة للحديث عن ردود فعل هذه النخبة، على ضوء ما عبر عنه جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه في خطاب العرش الأخير اتجاه المشهد السياسي الوطني، حيث لا يزال هؤلاء المحسوبين على النخبة يعتبرون أنفسهم الأرقى في هذه الردود المتواضعة التي تعكس تخلف هذه النخبة وافتقارها إلى ما يعبر عن شرعية وصدقية مضامينها .. وخصوصا، أولائك الذين يتمرسون وراء توجهات وإيديولوجية لم تعد قادرة على الصمود والتحدي والتأثير، كالتي عبر عنها المحسوبون عن النخبة الحزبية والنقابية الغير مشاركة في الحياة الديمقراطية، وأولئك الذين وجدوا في المعارضة ما يسمح لهم بمنح الشرعية لمواقفهم وتحليلاتهم العاجزة على إقناع عقول أصحابها، فبالأحرى أن تكون صالحة للتداول والاستخدام والاستئناس من قبل المعارضة.

إنها نخبة ناعمة بكل المقاييس، التي تجعل من نفسها محترفة في إنتاج الخطب والمواقف والآراء التي لا تحفر في التحولات والقضايا، بقدر ما تشوش على فرص امتلاك المغاربة للوعي الصحيح بخلفياتها وتداعياتها، والتي يوظفونها في أطياف مواقف الجهات التي ينتمون إليها، سواء من اليمين أو اليسار أو غيرهما، في الوقت الذي لا يلتقط المواطن مضامينها في ظل الضغوط الممارسة عليه في معيشه اليومي، وهو الذي في حاجة إلى من يوجهه ويرفع من مستوى وعيه السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي، كما أشار جلالة الملك مؤخرا، والذي طلب فيه من الأحزاب مراجعة أليات عملها لتفعيل التأطير السياسي للمواطنين واستقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، وفق الوسائط والوسائل التي يعتمد عليها في بناء قناعاته.

لقد كشف عمق وصدق الرؤيا الملكية حول المشهد السياسي الوطني عن حاجة المجتمع المغربي إلى القطع والحسم مع بعض أعضاء النخبة السياسية والفكرية الذين لا يزالون يغردون خارج السرب المجتمعي في تقييماتهم وتنظيراتهم المحنطة، التي يعتقدون أنها الأفضل والأرقى والأسلم من غيرها، التي يتوصل إليها المغاربة الذين لم يدركوا الدرجات الجامعية والعلمية التي يتباهى هؤلاء بها، حينما يعبرون عن مواقفهم من القضايا المجتمعية باللجوء إلى التنظير الذي لا يتلاءم و وعي عموم المواطنين، وأحيانا حتى مع وعي من يتخذون هؤلاء مراجع ومصادر للمعلومات، كالتنظيرات التي أشار إليها صاحب الجلالة والداعية إلى التشكيك والتسميم وخلق أسباب الفتنة والإجهاز على السلم الاجتماعي وتبخيس المكاسب والمنجزات التي تحققت.

ما أقبح واقع هؤلاء المحسوبين على هذه النخبة الحزبية والنقابية التي تدعي ما لا تملكه على أرض الواقع، مهما كانت المبررات التي ستدافع بها عن سلبياتها المتعددة التي لا تليق حتى بالمواقع التي توجد فيها كما نشاهد اليوم.

من موقعنا في المستقلة بريس، يتبين أن ما عبر عنه جلالة الملك اتجاه الأزمة السياسية في الوطن أصبح بفرض على الهيئات المعنية ضرورة ممارسة النقد الذاتي لتصوراتها المتخشبة، ومواجهة مناهج تواصلها مع الواقع، وتحريض المنتمين إليها والنخب خارجها إلى ضرورة الاشتغال والاجتهاد في رفع القيمة المضافة لتصوراتها للواقع وللقضايا التي تطرحها في أفق أن تكون واعية بما يجب أن تكون عليه مواقفها من هذا الواقع، وما يتطلبه من حلول ومعالجات لمشاكله الشائكة، بعيدا عن التنظير وبيع الأوهام الحزبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق