أخبارمنبر حر

من Benki-12 إلى Covid-19 ماذا تغير ..؟

 

A B D AZZOUZI

ذ. عبد اللـه عزوزي

أكيد يستحيل الجمع بين الحقْبَتيْن، حتى لا أقول بين الدائين، و حتى و إن أجمع العالم على أن Covid-19 داءٌ أرعب العالم و لم يترك أحداً، كبُرَ شأنه أو صَغُرَ، إلا و ألبسه كمّامةً -هذا اللباس الذي صممه الإنسان بدايةً من “الدوم”، و تارة من الأسلاك، أو القُماش، لكي يمنع به الخرفان الصغار من الرضاعة أو الأكل، أو الكلاب الضارية من العض، و الذي تَحَكَّمَ به البشر عبر العصور في رقاب الحيوانات و شهواتها .. لكن، مع هذا التقدم المفرط، وُجدَ الإنسان يُحاكي الحيوانات التي شاركته أُلفَتَهُ، و يَكيلُ لنفسه بمثل ما كال به لها، تارة خوفاً من حظ عاثر، و تارة إمعانا في كسر كبرياء نفسه الذي جعل منه سيداً و من باقي المخلوقات عبيداً.

كوفيد التاسع عشر سيدخل التاريخ كما دخلته كل الأسماء التي تشترك معه و لو نسبيا في نفس الاسم أو الرقم: هنري و لويس و القرن .. و يعتقد البعض أن أحد أهم الأسباب التي تُخَوّلُهُ ذلك – على الأقل من وجهة نظر مغربية قُحَّة – هو أن مغرب ما بعد Covid-19 حتماً لن يكون كمغرب ما قبل جائحة هذا الجرثوم التاجي .. فلقد تتبعنا على مدى شهرين و أزيد كيف أن المواقع الإلكترونية، مَدعُومةً بهرمونات من مواقع التواصل الاجتماعي، أفرطت في أحلام اليقظة المبنية على الخواطر النفسية التي من خاصيتها – كما هو حالها الطبيعي دائماً – أن تتقلب بين مَدّ التفاؤل و جَزْر التشاؤم  .. لكن، اسمحوا لي أن أعود بكم إلى ظاهرة مشابهة من تاريخ مغربنا الحديث. 

أنا شخصيا عشت نفس الشعور الذي ينتاب الكثير من المتفائلين الآن قبل ثمان سنوات؛ تلك الفترة أرمز إليها هنا ب Benki-12، للدلالة على المرحلة المُدَستَرَة (مع التشديد على كلمة ‘مُدَسْتَرة’ هنا) التي جاءت ببنكيران إلى سدة الحكم. أتذكر منسوب التفاؤل بالغد المشرق، و درجة اليقين في النهوض، و رحابة الخواطر بخصوص التحرر، و ملامسة التمكين لآلية الاقتراع، و تحسس قدرتنا الجماعية على مغادرة نادي البلدان المتخلفة .. فأين نحن الآن من كل ذلك ..؟ و ماذا عساه أن تقوله حرية التعبير عن نفسها في السنوات الأخيرة ..؟ و كيف أريد لها أن تندثر بتاتا مع تصميم 22/20  ..؟ كن، لست بحاجة أن أذكركم كيف شارك الجميع، و بخطط لا يسع المجال لذكرها هنا، في سرقة المرحلة و الأحاسيس، و تأجيل موعد الإقلاع إلى أجل غير مسمى، و الحكم على المرحلة التي أسسها دستور يوليوز 2011، و قبله محطات مفصلية و تاريخية، بالموت النهائي من خلال صياغة سؤال “أي نموذج تنموي نريد ..؟”. لقد تَبعَ مرحلة الدهشة التي انتابتنا كمجتمع مغربي نهاية 2011 أحداث و أجواء لا تقل ألماً عن ما أفرزته سياسات و أحداث أدت إلى تشكيل ما سمي بالربيع العربي – و أحيانا المغربي.

نعم، في أمتنا المغربية من هم تواقون إلى تشكيل مغرب آمن، قوي و مزدهر، و في طليعة هؤلاء الفاعلين الملكية المغربية .. لكن، حتما اليد الواحدة لا تصفق، و عندنا مشاكل هيكلية في التربية و الإعلام و الأسرة و التدين، و السياسة (بما تحتويه من فروع و شرايين، كالأحزاب و النقابات، و القوانين)، و في علاقاتنا الاجتماعية ..؟ و علاقتنا بالمجال، و بالثروات ..؟ و علاقتنا بفرنسا ..؟ كذلك عندنا مشاكل فكرية و نفسية، لا أقلها إحباط الطامحين و التوجس من الناجحين، و صرف المال في غير أوجهه، و مركزة/تركيز القرارات في يد الإدارات المركزية، و الانغلاق على الذات و على كراسي المسؤولية، و تضييع الوقت، كما هدر وقت الأجيال القادمة، و الركون إلى ثقافة اللهو و التفاهة و التفرج و الانتظارية، والجشع، و الأنانية، و قلة (أو انعدام ) السفر، و السماح بزواج المال بالسلطة، وعدم الوفاء لروح و بنود الدستور، مع القبول و الرضا بالتخلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق